كثيرا ما أشاهد أماً بصحبة أبنائها يراجعون عيادة الطبيب في المستوصف، ودائما ما أشاهد أماً وأولادها في السوق، ويشاركني الكثير بمثل هذه المشاهد في المدرسة، حيث تكون مسؤولية الأم مراجعة ومتابعة أبنائها، ولا يخفى كذلك على الكثير مشاهدة سيارة تقودها الأم ومعها أولادها في الطريق ذاهبين أو عائدين من مشوار، فالأم بالكويت أصبحت تقوم بدور رئيسي في الأسرة، ويحزنني أن أقول إن بعض الأمهات أصبحن يقمن بدور الأم والأب معاً.
وحتى أكون منصفا، فليس الكل، ولكن الأغلب، حيث باتت الأمهات يحملن الكثير من المسؤوليات الأسرية، فهي التي تتابع دراسة الأبناء، والتي توفر حاجيات المنزل من المستلزمات، وهي مَن تقوم بمهمة اصطحاب الأبناء في الزيارات الأسرية، وهي التي توصل وتغدو وتروح.
وحقيقة الأمر، أن هذه الظاهرة باتت منتشرة في الكويت، ومن المجحف نكران دور الأم الأساسي في التربية، وتحميل كاهلها بأدوار هي أساسا منوطة بالآباء الذين تواروا في الظل، تاركين لهذه الإنسانة القيام بها، وهنا لا أعمم ولكن، ومن خلال قياس بسيط، نعلم أن ظاهرة «الأمهات الآباء» زادت في السنوات القليلة الماضية، وهو أمر لا يمكن نكران وجوده في المجتمع الكويتي، حتى لو حاول البعض التشكيك بوجودها، فالأم وحدها تعلم ما تقوم به، وجولة واحدة في أغلب المناطق تكشف تنامي هذه الظاهرة واتساع مسؤوليتها.
وحديثي هنا جاء لتسليط الضوء على هذه الظاهرة الآخذة بالاتساع، وأعيد وأؤكد أنها ليست معممة على جميع الأسر في الكويت، ولكن المتابع يعرف جيدا أنها موجودة، فـ«الأمهات الآباء» لا تقتصر على المواطنين فقط، فأغلب الوافدين يواجهون هذه الظاهرة أيضا، من حيث قيام الأم بمسؤوليات أكبر مما هو مطلوب منها كأم، وقد يجد البعض أن الآباء مشغولون في العمل ولديهم مسؤوليات أخرى، حيث لا يعفي ذلك من قيام الأب بدوره الحيوي، كونه القدوة والمتابع والموفر والساعي والمؤدي، فهو الأب في كل الحالات، وتبقى الأم أماً في مسؤولياتها، فتداخل المهام والمسؤوليات يحتاج إلى الانتباه وإعادة النظر لضمان تربية الأبناء بشكل صحيح.
والله من وراء القصد.
[email protected]