عالم السياسة مليء بالمتناقضات.. فالساسة يؤيدون اليوم ما يرفضونه غدا.. والجماهير قد تكره زعيما اليوم وتحمل صوره غدا.. والبرلمانيون قد يكذبون على الاعلام.. من اجل ان يصبحوا أبطالا في عيون ناخبيهم، فيما قلة قليلة قد تنزع فتيل ازمات سياسية.. دون ان تزايد بدورها او تسعى للاعلان عن نفسها، عالم مليء بالمتناقضات حقا.. بعض هذه التناقضات من خلال هذه المشاهد والتساؤلات:
المشهد الأول:
لعلنا شاهدنا بالامس خطبة الجمعة.. التي ألقاها الشيخ القرضاوي الذي غادر محل اقامته الدائمة في قطر معلنا انه سيؤم المصلين المتظاهرين المنتصرين يوم الجمعة (أول من أمس) في ميدان التحرير.. والتي أطلق عليها المصريون جمعة النصر، وخطاب القرضاوي وموقفه معروف ولا اريد ان اعلق عليه.. لان ما لفت نظري بقوة هما مشهدان.. اولهما مشهد الملايين التي احتشدت في ساحة الميدان احتفالا بالنصر.. ثم هذا المشهد المعبر اللافت.. تماما والذي ظهرت فيه بوضوح صور رئيسي مصر السابقين عبدالناصر.. والسادات! أليس هذا تناقضا صارخا؟ عبدالناصر الذي اشبعه خصومه نقدا وهجوما وتجريحا بسبب تحويله مصر الى سجن كبير.. والسادات الذي ناله من النقد والهجوم ما لم ينله احد من قبل ولا من بعد، ووصل الأمر الى حد اتهامه بالخيانة والعمالة والتفريط في حقوق مصر والأمة.. التساؤلات التي يطرحها هذا المشهد علنيا الآن، هي هل اكتشف المتظاهرون فجأة ان ناصر ليس طاغية.. وان السادات ليس خائنا؟! ومن ثم رفعوا صورهما تبرئة لهما من هذه التهم؟
وهل هذا موقف يرمز الى تغير مواقف المصريين من رؤسائهم السابقين؟ والسؤال الاكثر إلحاحا الآن هو: هل يعني هذا انه سيتم انصاف حسني مبارك بعد سنوات لانه لم يكن طاغوتا وفرعونا كما وصفه القرضاوي!.. وانما كانت له مبادرات ومواقف اتخذها من اجل مصر.. هل سيكتشف المصريون «مبارك» بعد مرور سنوات وتقييم تجربته؟!
مشهد آخر:
حق المواطن في ابداء رأيه والتعبير عنه بالوسائل السلمية حق عالمي ومكفول في الدساتير والمواثيق العالمية وما يجري في العالم العربي من احتجاجات هو حق لا اعتراض عليه الا اذا تمادى هذا التعبير واتخذ اشكالا مثل تهديد الأمن القومي والداخلي للوطن.. هنا لابد من الاعتراض ووقف الفوضى والحمد لله نحن في الكويت لا نواجه ظروفا مشابهة لكن لدينا مشكلة ازلية نعاني منها وهي مشكلة البدون التي وضعت الحكومة لحلها الكثير من القرارات ولكنها لم تضع حدا نهائيا لها الا مؤخرا ولانهم فئة تستحق الرعاية والحق في الحياة ومن له حق في الجنسية يجب ان يحصل عليه، لكن ما شهدناه امس من شغب يطرح تساؤلات مهمة: هل ثورة البدون امس الاول لها علاقة بزيارة المالكي رئيس وزراء العراق للبلاد؟ وهل لها علاقة بما طلبته الكويت من العراق في شأن مساعدتها في معرفة هوية بعض هؤلاء البدون؟.. مجرد سؤال.. لكن الأيام المقبلة ستكون حبلى باجابات كثيرة عنه!
شكراً:
كلمة شكر للنائب علي الراشد الذي يضرب يوما بعد يوم نماذج رائعة في الاداء البرلماني المجرد من المصالح الخاصة فقد علمت انه بذل على مدى الايام الماضية مساعي حثيثة لاقناع الحكومة باسقاط قضاياها التي لاحقت بعض وسائل الاعلام.. احييه لانه دائما يحاول نزع فتيل ازمة قد تساعد على فتح صفحة جديدة بين الحكومة والاعلام ومن اجل دفع جهود التنمية واشكره اكثر لانه فعل ذلك دون مزايدة او طنطنة في الاعلام.. وقد تحقق ذلك في حين ان البعض لايزال يزايد ويتوعد الحكومة ويطلق تحذيرات صوتية عن المدونين رغم انهم ينادون بحرية التعبير وهم اول من طرحوا الثقة في وزير الاعلام بسبب عدم تسكيره احدى القنوات.. هذا نموذج لتناقضات الساسة السافرة والمقيتة في نفس الوقت!
تهنئة:
للأخ بوعبدالله «نايف الركيبي» على الترقية وكيلا لديوان سمو رئيس مجلس الوزراء من الدرجة الممتازة، تستاهل بوعبدالله فأنت من الجنود المجهولة التي تعمل باخلاص ووطنية.
[email protected]