نعم.. النار تقترب والبلد في خطر.. لا استطيع ان أتجاهل ذلك او اترك الحديث في هذا الامر.. واؤكد للمرة المليون ان الخروج الى الشارع في هذه الظروف طمعا واملا في اسقاط الحكومة انما هو جريمة كبرى بحق الكويت.. وامن الكويت ومستقبل الكويت.
وفي مقالاتي السابقة، شرحت رؤيتي وأبديت مخاوفي وهواجسي ايضا بالانصات لصوت العقل والمنطق والضمير.. ناشدت نواب الامة ان يتخلوا عن نوازعهم الخاصة وينحوا اجنداتهم السياسية.. لان الكويت بلد صغير لا يحتمل أي هزة.. فما بالكم والنار تحرق وتدمر وتعربد في منطقتنا؟!
الآن حان الوقت لنبذ خلافاتنا وتوحيد كلمتنا.. وان نفهم بعضنا بدقة.. ومن دون لبس أو مواربة، وهذا لن يحدث الا ان صدقت النوايا وجعلنا الكويت اولا في مقدمة اهتمامنا، ومن دون ذلك فسيفهم كل منا الآخر خطأ، وعلى سبيل المثال، بدا للبعض من حديثي بالامس عندما تطرقت الى التناغم الذي لمسناه بين «حزب الله» و«الاخوان المسلمون» في بعض الدول العربية، وتطرقي الى ما قاله الشيخ آية الله المدرسي في قناة «اهل البيت» انني اقصد الاخوة الشيعة داخل الكويت، وهذا فهم خاطئ ولا يستقيم ولكنه يأتي في ظل مناخ مازال بحاجة الى تنقية للاجواء.. اذ لو كانت الاجواء كذلك فان كل من يعرف توجهاتي يدرك على الفور ان هذا الفهم ابعد ما يكون تماما عن مقاصدي ومن يعرفني جيدا يعلم انني مصابة بـ «عمى ألوان» في مسألة طوائف المجتمع وتصنيفاته، هذا بدوي وذاك حضري.. وهذا سني وذاك شيعي!
كما ان علاقتي بنخب المجتمع من الشيعة وهي كثيرة، وصداقاتي العديدة مع هؤلاء الاعزاء كفيلة لمن يعرفونني بدرء هذه التهمة عني، ففي الحقيقة أنا تجمعني بكثير منهم صداقات متميزة فهم أخلص من ان يثار لغط حولهم، وهم احد مقومات المجتمع الكويتي ودعائمه الاساسية، وولاؤهم للكويت ليس محل شك او جدال، لكن هذا في جانب، ووجود أحزاب وجماعات سنية او شيعية تعمل على اذكاء نار الفتنة والدس والوقيعة بين المسلمين.. سنتهم وشيعتهم في جانب آخر، فهذا موجود في كثير من البلدان العربية والاسلامية وهناك من يسعون للوقيعة بين سنة وشيعة الكويت.
ولعل لنا في درس الغزو العراقي وتوحدنا ضده شيعة وسنة عظة وعبرة، فالدماء التي سكبت على أرضنا خلال الغزو وعلى مدى شهور المقاومة الكويتية الباسلة لم تخضع ابدا لتمييز او تصنيف، فلم يقل أحد أبدا شهيد سني وآخر شيعي، لعلنا نذكر ايضا ان الكويتيين سنة وشيعة كانوا يصلون معا في مسجد واحد.
وفي أحد «الايميلات» الرائعة التي تلقيتها مؤخرا كتب لي خالد بوفهد يقول «ذهبت الى المعرض الذي أقيم في الأفنيوز لصور المظاهرات التي أقيمت في لندن تنديدا بالغزو، وترحمت على حالنا هذه الايام، فقد كنا آنذاك على قلب رجل واحد بجميع طوائفنا، مؤيدين للشرعية، أما الآن بعد 20 عاما على ذلك التلاحم فماذا قدمنا للوطن؟ لقد ركزنا على القبلية والطائفية والمصالح الشخصية وأصبح لدينا فساد ينخر في الوطن، فساد متعدد الاشكال.. سياسي، اقتصادي، اجتماعي، رياضي.. ولا عزاء للوطن، الحكومة والمجلس يتبادلان الاتهامات والكل مشارك في تمزيق الوطن، وسنندم اذا جرفتنا الرياح العاصفة التي تهب من حولنا، الله يستر»! هكذا ختم بوفهد كلماته الصادقة وأوجاعه التي هي اوجاع كل من يعشق الكويت وكل من يدعو ان تبقى سالمة محفوظة من أي مكروه.. وأنا أشعر بأن الكويتيين في هذه الايام الغالية سيتذكرون كيف كانت حياتنا خلال محنة الغزو وسيعودون الى رشدهم من جديد باذن الله!
..والعبرة لمن يتعظ!
[email protected]