لا أدري وأنا أكتب مقالي هذا الى أي مدى وصل تعاون الحكومة مع المجلس امس في موضوع «البدون»، وأتمنى أن يتم الإنصات لصوت الحكمة والعقل والضمير لأننا جميعا نعلم انه لا يتساوى «كل» البدون بدرجة واحدة، فمن كانوا موجودين وعاشوا هنا قبل العام 65، ومن يحملون إحصاء 65 ومن لا يحملون، من يمكن التأكد أنهم كويتيون أصلا وتاريخا وميلادا وامتزاجا بهذه الأرض وبأبناء هذا الشعب، ومن كانوا مزورين، مدلسين، يدعون أنهم أبناء هذه الأرض، مع أنهم لا يملكون أي أدلة على ذلك، بل وأكثر من هذا هم يعرفون جناسيهم الأصلية، ويخفون أوراقهم الثبوتية الحقيقية، ومن هؤلاء أعداد غفيرة دخلت بعد الغزو ولم تخرج بعد التحرير، وتدعي أنها كويتية مع انها ليست كذلك!
نحن نريد حلا لهذه المشكلة على ان يكون حلا سريعا وإنسانيا، شريطة أن يكون مبنيا على أسس ومعايير موضوعية، ويتيح للدولة في كل الأوقات ان تعدل أوضاعها وتصحح مسارها متى توافرت لها معلومات وحقائق جديدة عن هوية المتقدمين بطلب التشرف بنيل الجنسية الكويتية! لأنني أعتقد جازمة ان معظم مشاكلنا ناجمة عن التأجيل والتسويف وبطء اتخاذ القرار، فنحن في أمس الحاجة في هذا السياق الى تعديل استراتيجية عمل حكومتنا وتغيير إيقاعها، بحيث تتخذ قرارات مدروسة وتحسم المشاكل العالقة وفي توقيتات مناسبة، ذلك انه لم يكن من الجائز ان يبقى مثل هذا الملف (البدون) عالقا حتى يستفحل.. فترى الكويت وقد باتت أسيرة أهواء وتجاذبات مصالح، واستقواءات بظروف اقليمية أو نحو ذلك!
لا أظن أن أحدا يقبل ذلك، ومبادرة الحكومة بمنح هذه الفئة الحقوق الإنسانية والاجتماعية التي لطالما تطلعوا إليها، قرارات واجبة النفاذ، بل إنهم كانوا يتطلعون لتلبية 10 مطالب فقط لكن الحكومة جعلتها 11 مطلبا مما يؤكد جديتها في حل الملف الذي أوكلت أمره الى لجنة كفؤة قديرة برئاسة العم صالح الفضالة الذي نثق فيه وفي قدرته على انجاز المهمة، خاصة ان الحكومة تعهدت بإنهاء جميع متعلقات هذا الملف خلال 5 سنوات، ونتمنى بدلا من صدام قد ينتج عن رفض حكومي متوقع لمشروع قانون «البدون» الذي نظره المجلس بالأمس، ان يتم الاكتفاء بالقرارات الحكومية في هذا الموضوع وألا يعيدوا حقوق هؤلاء الى نقطة الصفر!
حط حيلهم بينهم..
هذا مثل كويتي يلخص بدقة أوضاع وأحوال القوى (مجازا) السياسية، وأقول مجازا لأنهم مجرد «نفر» يعدون على أصابع اليد، وليسوا قوى حقيقية، لكنهم مع الأسف الشديد نفر مؤذون، فاليوم نرى «الشعبي» منقسما بين السعدون الذي ينفي ان يكون دعا للخروج يوم أمس 8 مارس وبين البراك الذي شارك في الاعتصام! ومن جهة اخرى بين النيباري «عراب» المنبر الديموقراطي الذي لم يبق غيره فيه، فهو الرئيس وهو نائبه وهو ايضا ممثل المكتب التنفيذي له الذي ينادي اليوم بتنقيح الدستور من دون ان يخجل من رفضه السابق لأي تعديل للدستور! وبين صالح الملا الممثل الوحيد عن المنبر الذي يرى ان الوقت غير مناسب لهذه العملية! وانقسام آخر بين السلف الذين يطالبون بتغيير الشيخ ناصر المحمد وبين ممثلهم المتزن د.علي العمير الذي لا يؤيد هذا المطلب!
انقسامات بالجملة لا ادري ما أقول فيها سوى ان تجمعاتكم وتوحداتكم ليست مبنية على رؤية سياسية أو مصلحة مجتمعية.. ليست وفقا لخطة مدروسة او برنامج عمل او مشروع نهضوي وإنما مبنية على أسس انتهازية شخصانية غير وطنية لا يكفي معها سوى الدعاء الى الله، بأن «يكافينا شركم» فلا يرد البلاء إلا الدعاء.
.. والعبرة لمن يتعظ!
[email protected]