هدأت مخاوفي وتبددت احزاني لبعض الوقت، وانا اتابع هذا المشهد الجليل والرائع.. مشهد استقبال اشقائنا في البحرين لطلائع قوات درع الجزيرة وهي تتوافد على مملكة البحرين لتساهم في تأمينها وحمايتها.. والعمل على استقرارها بعد ان عاشت أياما عصيبة ولاحت نذر الخطر فيها حتى كادت تحرق القلوب وتفطر الصدور.
أصدقكم القول: تمنيت هذا الاستقبال الجليل لهذه القوات من اهلنا في البحرين فنحن نحمل هما واحدا مشتركا، ونحن وان كنا أبناء امة عربية واحدة، اعداؤها معرفون وواضحون، الا اننا في هذه المنطقة همومنا مشتركة وهواجسنا ومخاطرنا واحدة لأنها يمكن ان تنتقل بسرعة من أرض لأرض ومن بيت لبيت.
لذا، كان المشهد معبرا وجميلا ومبددا لبعض الأحزان والمخاوف بل انه ذكرني بمشهد آخر لا يبارح ذاكرتي وهو مشهد دخول قوات التحالف الدولي الى الكويت، بعد دحر قوات صدام وتحرير الكويت من دنسه، فقد خرج الكويتيون مهللين فرحا بهذا النصر وبهؤلاء الجنود الذين هبوا لإنقاذهم من عدو استباح حرمة بلدهم واهدر كرامتهم واستهدف تدمير الأخضر واليابس في بلدهم الصغير.
هذا المشهد البحريني الذي رأيناه بالأمس، هو صورة طبق الأصل من المشهد الكويتي الذي سبق ان شاهدناه، مع فارق وحيد هو ان العدو كان مختلفا في الحالتين، فالعدو للبحرين لم يكن من الخارج كما كانت الحال مع الكويت، مما تسبب في حزني ومخاوفي ولا املك الا ان ادعو لأهلنا في البحرين بأن يتجاوزوا هذه المحنة، ويعبروا الأزمة بسلام، واتمنى ان يدرك اهلنا في الخليج ان وطننا الخليجي الصغير هذا في خطر كبير وان النار تقترب منه، وان الواقع الاقليمي ينذر بمخاوف ومخاطر عاتية، فلابد ان ننتبه ونتروى، فنحن حقا في خطر.
هل أصبح نفر بلا ذاكرة هذه الأيام؟ أم انهم يتصورون ان أسماءهم وتاريخهم يسمح لهم بان يقولوا أي شيء، ولو أفسدوا وجدان الأمة وعقلها وأثروا على مستقبلها.
حديثي موجه الى «بومحمد» عبدالله النيباري أذكره بما قاله في الخامس من مايو الماضي في ديوانية الاثنين في جريدة «القبس» «دستورنا سورنا»، «ان التعديل على الدستور يفترض وجود نوع من التوافق العام لطرحه وانه وسط حالة الاحتقان الخطرة التي نشهدها قد لا يكون مجلس الامة الحالي مؤهلاً لطرح التعديل ومن دون التقليل من اهمية الاعضاء الموجودين، فقد كانوا في السابق على مستوى النضج وبعد النظر والتقدير والتفاني والتخلي عن المصالح وهذه العناصر نفتقدها اليوم ـ وان علينا التركيز حول نوعية تركيبة مجلس الأمة ودور الحكومة ـ لا المرحلة ملائمة ولا الوضع السياسي بتركيبته سواء داخل مجلس الأمة او على صعيد القوى السياسية في البلد فليس من المناسب طرح التعديل فهو خطير جدا ويجب التصدي له».
هذا ما قلته يا «بومحمد» قبل أشهر معدودات واليوم تأتي لنا وتدعو الى تعديل الدستور، دعنا اذن نأخذ من كلامك اسئلة نرد بها عليك هل هناك توافق عام على الساحة الآن لطرح هذا التعديل؟
وهل أصبح اليوم مجلس الأمة مؤهلا لذلك في حين انه قبل بضعة أشهر كان غير ذلك؟ وهل تغيرت شخصيات وتطورت الاعضاء وأصبحوا من النضج بحيث يستطيعون الآن مناقشة هذه التعديلات وان نكون نحن مطمئنين لهذه الاجراءات؟
هل أصبح الوضع العام والسياسي أكثر ملاءمة الآن بحيث زالت حالة الاحتقان وانتهت مراحل التأزيم وأصبح الجو مهيئا الآن لطرح التعديلات الدستورية؟
.. هذا الذي تطرحه انت اليوم ليس خلافا في الرأي بل هو تناقض صارخ في التفكير فما انقلبت عليه انت كان على ما قلته قبل بضعة أشهر فقط، لقد قلت عكس ذلك تماما قبل شهور معدودات واستكثرت على النائب الراشد وقتها، وكان آنذاك ينفذ ما تعهد بطرحه في برنامجه الانتخابي الذي على أساسه خاض الانتخابات ونجح في ان يطرح رأيا في التعديل وفقا لرؤيتك الغريبة الشاذة التي تقول: لا يجوز ان يأتي طرح التعديل الدستوري من شخص واحد؟
فهل أنت أمة مثلا ياالنيباري؟ وهل نسيت الآن مثلا ان ممثل المنبر الديموقراطي النائب صالح الملا يخالفك الرأي تماما فيما ذهبت اليه اليوم مناقضا نفسك بطلب التعديل، ثم انك وانت ترد على طروحات النائب المنتخب الذي طالب بالتعديل منذ عام 2003 قلت ايضا: طرح التعديل يجب ان يأتي بناء على دراسات وأبحاث ومنهجية وتوافق جماعي، فهل جاء طرحك ـ يا ابا محمد ـ بعد دراسات وأبحاث؟ أم ان الامر حلال لكم حرام على غيركم في حين ان غيركم هذا كان هو الأحق والأجدر بالطرح لأنه كان نائبا ومنتخبا وكان برنامجه الانتخابي يعطي اولوية لتعديل الدستور.
وأود ان أقول لك ياالنيباري «ترى لا تعتقد اذا أكلتوا التمر.. دير بالك ترى احنا اللي نعد الطعام» ولن ازيد.
.. والعبرة لمن يتعظ!
[email protected]