بقلم: منى العياف
لفت انتباهي تصريحات وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء والبلدية، التي وردت في معرض توضيحه لأسباب تأخير الحكومة في إقرار مجلس أمناء هيئة قانون مكافحة الفساد والذمة المالية، والتي اعترف فيها بأن التقصير مسؤولية الحكومة ومسؤوليته هو بالذات، كما بشّر بأن الانتهاء من اللائحة التنفيذية لهذا القانون سيكون في غضون أسبوعين، بالإضافة إلى اختيار رئيس للهيئة العامة لمكافحة الفساد، وقد ورد هذا التصريح في صحف يوم الثلاثاء الماضي الموافق 30/ 4، وبعده بيوم واحد خبر آخر من مصدر حكومي يرى أن خبراء القانون الدستوري في إدارة الفتوى والتشريع يرون أن يتم الاستقرار على ضرورة تشكيل مجلس الأمناء للهيئة المذكورة قبل إعداد اللائحة التنفيذية للقانون، وأضاف المصدر أن هناك أسماء مقترحة للعرض على مجلس الوزراء غدا الاثنين بحيث يتم اختيار أحدهم لرئاسة الهيئة على أن يتم تشكيل مجلس الأمناء فيما بعد ليتولى مهمة وضع اللائحة.
***
يبدو لي من كل ما سبق أن معالي الوزير ومجلس الوزراء يعتقدون أن الموضوع «سهل» و«بسيط» وبالإمكان القيام به خلال أيام، ويبدو أن ما حذرت منه بعدم «سلق بيض» هذه الهيئة سوف يحدث، وأنه سيتم اختيار عناصرها بطريقة عشوائية، دونما إدراك حقيقي لأهمية هذه الهيئة مقارنة بكل مؤسسات الدولة رغم ما سبق أن حذرت منه وأشرت إليه في مقالي السابق.
معالي الوزير.. رجاء توقف قليلا وانتبه لتصريحاتك التي تكشف أن آلية «السلق» هي التي ستتبعونها، ويؤسفني أن أقول إنني أشعر حقيقة بأن كل أحلام الإصلاح التي حلمناها هي «أحلام».. مجرد أحلام.
***
«اسمحلي» معالي الوزير.. ان «قانون الشعب» هو الذي سيعيد البوصلة الحقيقية للإصلاح السياسي، والذي به سيطمئن الناس إلى أن الفساد قد وجد أخيرا من يحاربه ووفق نظام مؤسسي شفاف، وان أي «لص» أو «مرتش» أو عديم الضمير ستكون هذه الهيئة له بالمرصاد.
إنني أؤكد اليوم، أنني مع رؤيتي بالطريقة التي يتم بها تناول مثل هذه القضية الحيوية المهمة، أشعر بالخوف الشديد لأن الموضوع بالفعل ليس (بالكروته) مطلقا بل هو جد ما بعده جد، وما يزيدني قلقا ردود الأفعال السريعة التي واكبت تصريحات رئيس مجلس الأمة، والكّتاب الذين هاجموا تأخير إنشاء «الهيئة» سوف تأتي حتما بآثار عكسية، فستأتون بشخصيات لها علاقة بكم وبالتيارات السياسية، ولها مواقف وشاركت بالحراك السياسي أمثال (التحالف الوطني ـ حدس ـ والسلف) وغيرهم وهنا الخطورة.
***
فما أوردتموه من ردود سريعة يقطع بأنكم ستفعلون هذا ومن ثم فنحن نحذركم بأن أي شخصيات تنتمي إلى هؤلاء سوف تلحق بالهيئة الفشل وسوف تسيء إليها، لأننا لا نثق بهم وهم من كانت لهم اليد الطولى في الحراك السياسي «الكريه» الذي كاد أن يتسبب في ضياع الكويت.
إنني أسألك معالي الوزير..
هل تعلم أنه يجب أن يحظر على الرئيس وأعضاء الأمانة ممارسة أي عمل تجاري أو الانخراط في أي وظيفة حكومية أو المشاركة في عضوية مجالس إدارات أو يتقاضى أي مقابل مادي بشكل مباشر أو غير مباشر؟
هل تعلم أن من سيشرف على هذه الهيئة يجب أن يراعي حرمة الحياة الخاصة وشرف وكرامة الأشخاص المبلغين عن الفساد؟
هل تعلم معاليكم.. أن أعضاء هذه الهيئة سيحصلون على حق الضبط القضائي، وسيكون بمقدورهم اتخاذ إجراءات ضبط وحجز واسترداد الأموال المتحصلة من جرائم الفساد (كالرشوة واستغلال النفوذ والاعتداء على المال العام والتزوير والكسب غير المشروع والتهرب الجمركي والضريبي..إلخ)؟
هل تعلم معاليك أن القياديين ممن ينطبق عليهم هذا القانون أيا كان المسمى الوظيفي لهم، ولهم علاقة بالمال العام حتى لو كانت شركات خاصة تملك الحكومة نسبة 25% من أسهمها، يتحتم عليهم المبادرة بالكشف بشكل دوري عن كل أموالهم في الداخل والخارج وما يطرأ عليها، هم وأقرباؤهم من الدرجة الأولى؟
***
معاليك.. الموضوع ضخم ومهم وليس سهلا، وبصراحة فإن الأسلوب الذي تتعامل الحكومة به مع هذه الهيئة يثير التعجب.
لا أريد أن أقول «الشق عود» لكن دعني اجدد تحذيري لمعاليك بأن هذا القانون هو «قانون الشعب» كله، وهذا القانون هو الذي سيرسم مستقبل الكويت، ونحن لن نترك هذا الموضوع فريسة لأساليب «ردود الأفعال» أو العشوائية أو للعمل دون شفافية أو حيادية، وعلى الرجال الذين سيتولون هذه المهمة التي ستكون لها مكانة في التاريخ المعاصر، أن يدركوا مسبقا أنها هي أهم مهمة لأنهم بصدد العمل بموجب قانون الشعب !
السؤال الذي يطرح نفسه: هل أنتم مستعدون بالفعل وقد حصرتم رجال النزاهة بقائمة لكي تحسنوا الاختيار؟.
لذا، أتمنى أن تعيد النظر في أسلوب العمل بالنسبة لهذا القانون لكي تكتسب كلماتك مصداقية ونجد لها أسانيد قوية بدلا من اعتمادها على الكلمات الإنشائية التي لن تضيف للهيئة وإنما ستخصم من رصيد الحكومة.
.. والعبرة لمن يتعظ!
[email protected]
twitter@munaalayyaf