بقلم: منى العياف
اليوم ليس هناك من شك بأن من يطلق عليهم مجازا (معارضة) قد انتقلوا إلى رحمة الله «سياسيا»، في إطار التداعيات التي عشناها ومررنا بها منذ لحظة إبطال مجلس فبراير 2012 وحتى يومنا هذا.
هؤلاء يثبتون يوما بعد يوم أنهم لا يحترمون الدستور ولا يعترفون بدولة المؤسسات، وهم من حاولوا سنوات أن يوهمونا بأن دوافعهم هي المحافظة على الدستور فقد كانوا يرفعون شعارهم الهلامي (إلا الدستور) ومع هذا كانوا يتحدثون عن دستور آخر على مقاسهم فقط!!
***
لا أريد أن أخوض كثيرا بـ «الموبقات» التي اقترفوها طوال تلك الفترة، وبالأخص عندما أبطل مجلسهم، أو أتوقف عند بيانات «الخيبة» التي صدرت منهم والتي أتذكر منها بيانين صادرين سيئي الذكر في 21/6/2012 وفي 24/6/2012، هاجموا فيهما الحكم الصادر بإبطال مجلسهم واعتبروه من الناحية القانونية منعدما في الأثر والقيمة وطالبوا آنذاك بكل صفاقة أعضاء المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء بما زعموا انه ضرورة لتصحيح الأوضاع وإعادة الأمور إلى سابق عهدها وقبل أن يفوت الآوان ـ كما يزعمون ـ لكي ينأى المجلس بالبلد من الوقوع في الفوضى.
***
هذا ما قالوه وتفوهوا به في حق المحكمة الدستورية، والمثير للاشمئزاز انهم مازالوا على غيهم إذ تقول الأخبار ان هؤلاء المبطلين سينظمون أنفسهم في الفترة المقبلة، وسيقومون بتنظيم فعاليات ومهرجانات لإيصال رسـالة تتمثل في رفض قانون «الصوت الواحد» وذلك قبل صدور حكم المحكمة المرتقب يوم 16 يونيو المقبل.
السؤال الآن: هل هذا معقول؟ هل هذا ممكن؟ أإلى هذا الحد لم يعد هؤلاء يعقلون الأمور؟ ألم أقل لكم أنهم انتهوا «سياسيا» لذا يجوز لنا أن نترحم عليهم؟ هل يدرك هؤلاء ما هم مقدمون عليه وما يرتكبونه بحق محكمة رفيعة قامة ومقاما، محكمة «منزهة»عن الأهواء السياسية، حيث يحاولون إرهابها وأن يفرضوا عليها أجنداتهم الخاصة؟. هل يعقل هذا ؟!
***
يا سادة.. يجب ان تعلموا أن «مرجعية قضاة المحكمة الدستورية هي النصوص والقواعد القانونية والفقه الدستوري المقارن، وهي مرجعية ثابتة غير متأثرة ومختلفة عن الفكر والطرح السياسي، كالأخلاق بين الثابت والمتحول»، هذا الكلام الذي سبق إيراده هنا هو نص كلام علمي قانوني ورد في دراسة علمية عن المحكمة الدستورية، فهذه المحكمة لا تخضع للأهواء والعبث السياسي ولا تتأثر بالمشاعر ودغدغة أحلام العابثين أصحاب الأجندات والأهواء الشخصية.
***
يا سادة.. إن أقل وصف لما تمارسونه الآن هو كلمة «عبث»، فهذا يجعلنا نشعر يوما بعد يوم أنكم لستم أكثر من «أضحوكة» حقيقية، تجعلنا نتأكد كل يوم أن ما صدر من مراسيم أميرية قد أنقذت الكويت من الضياع والسقوط في براثن هذا الميراث القبيح الذي كاد ان يودى بالكويت، ويجعلنا نتأكد أكثر أن مقاطعتكم للانتخابات كانت نعمة وأن مجلس «الصوت الواحد» كان الطريق الصحيح لخروج الكويت من هذا النفق المظلم.
***
أما ما يخرج من «المحكمة الدستورية» وقضائها الشامخ، فهو احكام منزهة، وهي تحظى بالاحترام والتوقير من أعلى سلطة في البلد المتمثلة بصاحب السمو الأمير إلى رئيسي مجلسي الأمة والوزراء وصولا إلى غيرهم من المسؤولين، فجميعهم يحترمون المحكمة الدستورية ويقبلون بما ستحكم به، ويدركون أن كلا من الطرفين قد مارس حقه الذي كفله له الدستور في التقاضي، ولا غضاضة في انتظار المحكمة الدستورية (الحامي القضائي للدستور) وما ستنطق به من أحكام.
***
أما أنتم يا من تفتعلون كل هذه «الموبقات» للتأثير على المحكمة وإرهابها فأنسب جملة يمكن إطلاقها وصفا لما تقومون به هو أنكم تستحقون ان نطلق عليكم «رصاصة الرحمة» وأن نعظم الأجر لأحبابكم الذين مشوا خلفكم، والذين يعتقدون أنكم بالفعل تؤمنون بالدستور وبدولة القانون! ولا عزاء لكم.
أخيرا.. الوزير والنائب السابق الذي قال في لقاء تلفزيوني: «إن المجلس لا يمثل الشعب الذي أحجم عن الصناديق يوم الاقتراع».. أقول له: إن من شارك في الانتخابات هم 40% من الشعب الكويتي والذي يجب ان تحترم إرادته، والذي أحجم عن المشاركة بإرادته وأنت منهم يشكل 19% فقط، وهو الخاسر الذي اعتاد ان تكون الغنائم له واليوم يبكي ويلطم على الأطلال!
..والعبرة لمن يتعظ!
[email protected]
twitter@munaalayyaf