بقلم منى العياف
كعادتي منذ سنوات، دائما أحرص على ان أكون في قلب الحدث، وخاصة اذا كان هذا الحدث استجوابا برلمانيا حول الأداء الحكومي، ذلك لأنني وبكل أسف لا أثق بما تنقله الصحف والوسائل الإعلامية، لأن كلا منها تتناول الاستجواب من الزاوية التي تريدها ووفقا لـ «المصلحة الخاصة» التي ترغب في تحقيقها، لهذا احرص على الحضور لأنقل لقرائي وجهة نظر خالية من المصلحة وكما أراها بالفعل.
وهذه المرة كنت حريصة على الحضور لأقف على ما سيتم اتخاذه من اجراءات حيال استجواب وزير النفط الذي قدم استقالته وسط أجواء «مريبة» وخلال تحركات أثناء الساعات الأخيرة السابقة على مغادرته للحكومة، في ظل إجراءات «انتفاضة بشرية» لأهم مؤسسة لنا وهي مؤسسة البترول وشركاتها وقد كان الوزير هو اللاعب الأساسي لها.
■■■
كنت أعلم أنه برحيل هذا الرجل سيسقط الاستجواب ولكن ما بعد هذا الاستجواب هو المهم لدي، وهو الذي لن أتركه ما حييت، لقد آثرت السكوت والترقب ومتابعة كل الأحداث في قضية «الداو» (سرقة العصر في قلب النهار) وسآتيكم بمقالات اخرى ستكون موجعة تخترق صدور وقلوب من ساهموا في خسارة الكويت دون رادع اخلاقي او وطني.
أما استجواب وزير الداخلية «الوزير المحصن» من كل الأدوات الدستورية للأسف، فإن ما يعزينا هو اننا بانتظار أن يرحل عن المشهد السياسي وأن يقدم استقالته من نفسه، إلا ان هذا الاستجواب ليس هو المهم بالنسبة لي، لأن هذا الوزير بالذات تسجل مقالاتي حول ادائه طوال الفترات السابقة موقفي منه، ولن اطيل في هذا المقام، وسأنتظر كما ينتظر الكثيرون بأن «يقص الحق من نفسه» ويقدم استقالته، فقد أوقع الوزير الكثير من الضرر على النظام قبل نفسه.
■■■
لكن ما حدث يوم الثلاثاء بشأن استجواب وزير الداخلية الذي تباينت الآراء ما بين تأجيله لاسبوعين واحالته الى «التشريعية»، فإنه وبعد ما تم سماعه من كل الاطراف كان يمكن ان يعتبر عاديا، كما جاء في شرح الوزير وطلبه الاحالة الى «التشريعية» والذي أكده النائب د.علي العمير، وقال: ان ما أورده وزير الداخلية حول المخالفات «نقاط وجيهة»، واستند في ذلك إلى المحور الذي يتعلق بالشبكة الارهابية وما قيل في الجلسة السرية، وقال انه يرى ان المحاور بالفعل ربما تكون غير دستورية كما يراها الوزير، ولهذا هو يتفق مع الموافقة على الاحالة.
■■■
لكن المفاجأة كانت في كلام المستجوبة النائبة «صفاء الهاشم» التي قامت بكشف التسلل والخروج من مأزق «التشريعية» وقالت انها ستتنازل عن الحديث عن كل محور غير دستوري تكلم عنه الوزير.. وهكذا.. ألقت صفاء الهاشم بالماء المغلي فوق رؤوس الجميع، وبالتالي لم يبق هناك مبرر للإحالة الى «التشريعية»، واكدت امام الجميع ان هذه المحاور لن تتطرق اليها.. وبشرط صعود الوزير للمنصة!
وطالبت النائبة، بل واستجدت النواب لتمكينها من صعود الوزير المنصة، وبالرغم من اننا كنا جميعا نرى اهمية هذا الاستجواب ومحاوره إلا انني كنت في أشد الأسف والذهول مما رأيت. لم اكن أتوقع من صقور المجلس ممن شاركتهم سنوات تأييد مواقفهم الثابتة ان يكون تصويتهم بالإحالة الى التشريعية، أي تشريعية يا اخوان؟!
ما الذي ستبحثه «التشريعية» إذن ومقدمو الاستجواب يتعهدون بالتنازل عن المحاور التي شرح بأنها غير دستورية؟!
■■■
النواب عدنان عبدالصمد واحمد المليفي ود.علي العمير، أسألكم بالله عليكم وفي نفسي غصة: لماذا وافقتم على احالة الاستجواب الى «التشريعية»؟
أعرف انكم تريدون مساعدة الوزير، لكن لن يتم هذا مقابل خسارتكم لتاريخكم المعروف، كان الأجدى بكم الامتناع عن التصويت، هذا ما كنا نتوقعه على الأقل منكم وهو في النهاية كان سيصب في صالح «الوزير المحصن».
وانتم تعلمون ان هناك عددا كافيا من النواب يمكن الوزير من عدم المساءلة، أما انتم فكنت اعتقد ان تاريخكم النيابي يمنعكم من الإقدام على ذلك، لا ارى أي مبرر لما قمتم به.
■■■
لقد كرر الرئيس الراشد على مسامعكم سؤاله لوزير الداخلية: هل مازلت مصرا على التحويل الى «التشريعية» خاصة ان المستجوبة صفاء الهاشم أعلنت تنازلها عن المحاور غير الدستورية؟ وقال: نعم مازلت، ومع ذلك صوتّم معه بـ «نعم»! لماذا؟ هل كانت المفاجأة من قبل صفاء الهاشم هي التي جعلتكم تعجزون عن اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب؟! أين خبرتكم؟ أين تاريخكم؟ ام أن ما قمتم به بالفعل أمر خارج عن ارادتكم؟!
بنهاية الأمر أقول لكم «أفا»!
اما من كانوا مع الاستجواب لدرجة انهم يطالبون بأن يكونوا أحد مقدميه ثم تحولوا ايضا الى موافقين للاحالة فأقول لهم: المشهد اليوم فرز الكثير من المواقف التي لم اتخيل ان توقع هذا الضرر الكبير على الجميع، لله درك يا هاشمية!
.. والعبرة لمن يتعظ!
[email protected]
@munaalayyaf