نافع الظفيري
لقد اصبح الشأن الاقتصادي هو الشغل الشاغل لاهتمامات الجميع من دول وشعوب وقادة وزعماء ومنظمات وعلماء ومفكرين، في سياق ما يشهده العالم من ثورة الاتصالات والمعلومات والتقنيات، وفي تزايد انفتاح دول العالم لانتقال السلع والخدمات والمعلومات نتيجة ظاهرة العولمة، وأقرب الامثلة زيارة ملك اسبانيا للكويت وما ابداه من اهتمام بالشأن الاقتصادي.
أدركت القيادة الكويتية ذلك مبكرا، فقد حرص صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد منذ تولي سموه رئاسة مجلس الوزراء ثم دفة الحكم في الكويت على ان يكون الشأن الاقتصادي محور اهتمام وجهود الحكومة، وعلى ضرورة توسيع مشاركة القطاع الخاص في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقد كلل جهود سموه بالدعوة لتحويل الكويت الى مركز مالي وخدمي وتجاري، على ان يكون هذا المطلب هدفا استراتيجيا تكثف الجهود لتحقيقه بمشيئة الله.
ويأتي في مقدمة عناصر تهيئة البيئة لذلك عنصران مهمان جدا، عنصر توفير البنية التحتية المالية من خلال تهيئة الكويت لتكون مركزا لرجال الاعمال والمستثمرين توفر لهم الخدمات المالية لمزاولة اعمالهم الى جانب خدمات التأمين وخدمات الاسواق المالية، وعنصر تهيئة الكويت لتكون مركزا تجاريا يتم من خلاله القيام بعمليات اعادة التصدير يتاح من خلاله للقطاع الخاص تقديم الخدمات اللوجستية من نقل وتخزين ادارة مرافق الخدمات.
كما ان هناك مشروع هيئة الاسواق المالية الذي لم ير حيز النور حتى الآن، كما انه من الضروري ان يترافق مع كل ذلك تحقيق العديد من الجزئيات الاخرى.
وان يترافق ذلك مع توسيع مشاركة القطاع الخاص وتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي.
ولكن - للاسف - فمن خلال استقراء الواقع اعتقد من وجهة نظري ان الجهود المبذولة لتحقيق هذا المطلب الاستراتيجي ما زالت اقوالا لا افعال، ففي كل المناسبات نسمع مزيدا من التصريح بتبني الدعوة بجعل الكويت مركزا ماليا وخدميا، وبأن الحكومة تعقد العزم على تحقيق هذا المطلب، وغيرها من العبارات التي تغازل احلامنا.
ولكن للاسف لم نر شيئا ملموسا، رغم اننا نعلم ان تهيئة البيئة المناسبة تحتاج الى العمل في وقت واحد على اكثر من محور.
فقد كان من المفترض ان تتسم هذه الجهود بالمزيد من الجدية والاستمرارية والمتابعة، فعلى سبيل المثال مشروع قانون هيئة اسواق المال لم نعد نسمع عنه وكأنه قد تم التعتيم عليه، ومن قبل تجرية جذب الاستثمار الاجنبي المباشر للكويت، فعلى الرغم من صدور قانون الاستثمار الاجنبي المباشر وانشاء الوحدة الادارية المعنية لم نعد نسمع عن اي انجاز فعلي لها.
وقبل كل شيء فقد استبشرنا خيرا بالتصريح الذي اعلنته وزيرة الدولة لشؤون الاسكان ووزيرة التنمية د.موضي الحمود حول برنامج عمل الحكومة، وان خطة الانجاز تسير وفق جانبين رئيسيين، اولهما تحويل الكويت الى مركز مالي واقتصادي مهم، وثانيهما الاهتمام بالمشاريع الرديفة التي تعزز تطوير البلاد وفق قفزات نوعية مرحلية.
ويظل الامل في نفوسنا متجددا، فالعالم من حولنا يحفل بتجارب رائدة في العزيمة والارادة لدول استطاعت ان تشق طريقها وتحقق انجازات اقتصادية رائعة وتنتقل من انجاز الى انجاز، واستطاعت ان تكون جاذبة للاستثمار وان تغزو منتجاتها اسواق العالم، وان تنافس بقوة واقتدار حتى فرضت وجودها، أليس من حقنا ان نستفيد من تجارب الآخرين؟
ومن منطلق حبنا للكويت نتطلع الى كل الشخصيات الكويتية المخلصة لأن تتعاون وتكثف الجهود في عزيمة واصرار لتحقيق حلم كل الكويتيين في ان تصبح الكويت مركزا ماليا وخدميا وتجاريا بمشيئة الله تعالى وتوفيقه.