نجاة الحجي
لا يوجد هناك من داع لأن ننكر مهارة فناني الديرة الذين يحتضنون البيـئة الاجتـماعية الكويـتية الأولى بإبراز القـدم في لوحات تسطرها فرش فتعود بنا إلى الماضي العريق.
وإذا مـا تأمل الناظر هذه اللوحـات فإنهـا في الواقع وإن لم تعـجب قلائل إلا أن كثيرين من أبناء الشـعب يتأملونها عن بعد ولمدد طويلة بل ولعلهم يعقدون مجالس للتحدث حولها وتذكر مآثر الماضي.
ولعل لوحة واحدة من هذه اللوحات والتي تقدر بالآلاف تجعل المرء يشعر بـأنه قريب من أصل الفن التأثيري في قلب الـعاصمة الفرنـسية ليـجلس المرء طويلا أمام إحـداها لأي فنان دقيق مـثل مونيـه ومانـيه وغيرهما مـن الذين ينتقدون من قبل فناني فرنسا لادعـاءات ينشرونها بأن هذه اللوحات التأثيرية في دقة من الأداء لحد مبالغ فيه ودون داع.
ولعلي لا أوافـق هؤلاء الرأي حـيث أن هؤلاء الـفنانين قـدمــوا مـا تحتـضنه باريس في المتاحف المزودة بإنذارات ضـد السلب خشـية أن تسرق لتباع بملايين الدولارات وربما أكثر بكثير.
وما من داع لإحباط فناني هذا البلد الكريم بالنقد والـتجريح فيما هم يشغلون أنفـسهم ويتحـملون العناء في سبيل حـفظ التراث الكويتي،
غيـر أن الوضع للأسف هو غير هذا وذاك، فقـد تفتتح مـعارض للفنون المخـتلفـة لعـرض هذه اللوحـات التي تبـرز تراثنا وتـعنى به، ولعل وعسى أن يشـتري إحـداها كبار القـوم، لينتهي الأمـر بها معـلقة على الجدران دون جـدوى وكأنما الفنـان بذل جهدا فـائقا في إبراز لـوحاته ليلقى من ورائها الذل والنكران.
وإذا مـا تفكر المرء من هذا المنطـلق السلبي الجـامح فـإنه في الواقع يحبط فنانينا ويدفنهم أحياء حـتى قبل أن تعرض لوحاتهم على أرض الواقع.
إن فنانينا في حاجة إلى التشجيع وتبني أعمالهم، خاصة الجيد منها ولا مانع من النقد الـبناء الهادف، وعلينا أن نهتم بالأعمـال الجيدة التي تمثل تاريخا بـعرضهـا صورا لتراثنا وحـياتنا، ولو تأملنا الكثـير من الدول فسنجدها تقيم المتاحف والمعارض الكبرى لمثل هذه الأعمال، ولنا بذكر الحضـارات العظمى كالحضارة الفرعونـية التي علمنا بأسرارها من خلال رسومات المبدعين في ذلك العصر الفرعوني القديم أسوة، فهل نستبعد أن يأتي اليوم الذي تكون فيه لوحات فنانينا شاهدا علينا؟!