نجاة الحجي
في السفر فوائد كثيرة، ففضلا عن الاماكن الجميلة التي تتمتع بمناظر خلابة وطقس معتدل جميل نجد في السفر الراحة للاعصاب، فعندما يغير الانسان مكانه لبضعة ايام يلقي عنه الكثير من الهموم والاعباء والضغوط التي قد يتحملها في العمل او البيت، فيعود بعد ذلك اكثر نشاطا واكثر استعداد لبذل المزيد من الجهد في العمل فيأتي الانتاج على افضل ما يكون، كما ان ابناءنا يسعدون كثيرا بالسفر حيث يجدون فيه المتعة والراحة من عناء عام كامل قضوه في الدراسة، بالاضافة الى ذلك تكون لكل منا اهداف في سفره يسعى لتحقيقها، ونحن هنا لسنا بصدد الاستفاضة في توضيح فوائد السفر، ولكن احيانا يكون السفر عبئا كبيرا على رب الاسرة، حيث نجد الآن في بيوتنا ظاهرة غريبة تنذرنا بضرورة توخي الحذر والحرص على توجيه ابنائنا لتكون قراراتهم في الاتجاه السليم، فنحن نرى هذه الايام ابناء الاسرة الواحدة يختلفون فيما بينهم في تحديد وجهة سفرهم، ويذهب كل واحد منهم الى وضع برنامج خاص به في بلد مختلف عن اخوانه ويصل الامر بهم الى الغضب والتذمر في ظل اصرار كل منهم على برنامجه، ويجد الوالدان نفسيهما في موقف حرج، ويدخل كل منهما في نقاش وحوار مع اولادهما في محاولة للوصول الى وفاق فيما بينهم.
وهناك امور اشد خطرا من ذلك فبعض الابناء يطالبون اباءهم بالسفر غير عابئين بالظروف المادية للاسرة وهل تتحمل تكاليف السفر من تذاكر طيران واقامة والتجول في الاماكن الترفيهية، ومع الاسف ينظر الابناء الى زملائهم ممن هم في رغد من العيش ويطالبون بالا يكونوا اقل منهم في رحلاتهم وملابسهم وطريقة حياتهم.
اننا ككويتيين جبلنا على حب السفر ولكن علينا ان نزرع في نفوس ابنائنا من صغرهم حب النقاش والاهتمام بسماع الاخر وتفهم وجهة نظره وعدم الاصرار على الرأي بدون داع، كما علينا ان نعلمهم كيفية تحمل المسؤولية منذ صغرهم وضرورة مراعاة اولويات الاسرة وقدراتها المادية، فنجنبهم بذلك الانبهار بغيرهم والانجرار وراء المظاهر حتى ينشأوا نشأة سليمة حيث سينعكس ذلك على تفكيرهم بتحديد احتياجاتهم حسب الضرورة، وبالتالي يدركون أثر قراراتهم على الاسرة بأكملها بل وعلى المجتمع، وخاصة اذا ما تطرقنا معهم بين حين وآخر الى ما تعانيه شعوب كثيرة من فقر شديد يصل الى عدم توافر الادوية لاطفالهم وموت الكثيرين منهم جوعا.
التربية السليمة منذ الصغر ستحفظ أبناءنا من المظاهر الكاذبة، وستخلق منهم رجالا قادرين على تحمل المسؤولية.