نجاة الحجي
في الوقت الذي تضرب فيه الأزمة المالية جميع أسواق المال على مستوى العالم، تستعد الكويت لاستضافة أول قمة عربية اقتصادية، والتي دعا إليها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد منذ فترة، لبحث التكامل الاقتصادي بين الدول العربية وتنظيم تكتل اقتصادي قوي يمكنه مواجهة التكتلات العالمية والأزمات الاقتصادية.
ولا شك في ان الدعوة لهذه القمة تدل على الفكر الثاقب والرؤية المستقبلية لصاحب السمو الأمير، خصوصا ان سموه دعا إليها قبل ان تصدمنا الأزمة المالية العالمية، ولا شك في اننا كنا في حاجة الى تكامل اقتصادي عربي، رغم انه تأخر كثيرا، فالدول العربية تملك كل المعطيات التي تمكنها من تحقيق تكتل اقتصادي قوي بالنظر الى ما تتمتع به المنطقة من ثروات طبيعية فريدة، كما ان موقعها في قلب العالم يشكل أساسا قويا للنجاح في هذا التكتل الاقتصادي، فضلا عن الساحة الواسعة الممتدة من الخليج شرقا الى المحيط الاطلنطي غربا.
والآن أوشكت القمة أن تنعقد، حيث ستكون في 19 و20 يناير المقبل، وقد بذلت الكويت جهودا كبيرة لانجاح هذه القمة من خلال عقد ورش عمل بمشاركة الدول العربية، وكذلك الجامعة العربية، وما نأمله ان نخرج هذه القمة بقرارات تحقق الطموحات للشارع العربي، وان نخرج من نطاق التصريحات والبيانات الختامية التي عهدناها في القمم العربية.
ومن أهم ما نتمناه من هذه القمة تفعيل القرارات التي تتيح لرؤوس الأموال والمشاريع الاقتصادية العربية ان تنتقل بين الدول العربية في سهولة ويسر بعيدا عن التعقيد والبيروقراطية، كما نأمل ان يخرج عن هذه القمة قرار جريء بإنشاء السوق العربية المشتركة، لتحقيق التقارب التنموي بين المناطق والاقاليم العربية، ولا شك في ان القادة يدركون الامكانيات المتاحة لكل منطقة، وهم لا يحتاجون منا الى لفت نظرهم الى الطريقة المثلى لاستثمار هذه الامكانيات بالشكل الذي يعود على المنطقة العربية كلها بالخير والتقدم.
ومن المشاريع التي تنتظرها الشعوب العربية لتحقيق المزيد من الربط بين المدن والمناطق العربية شرقا وغربا مشروع الربط السككي عن طريق خطوط السكك الحديدة التي من شأنها توفير مزيد من التقارب وتقليل كلفة الشحن للمواد والبضائع المختلفة، وهذا المشروع تحديدا لا يحتاج الا الى قرار فقط، فلا توجد أي معوقات تمنع اقامته في القريب العاجل.
وقد تقدمت بعض الدول العربية الى الأمانة العامة للجامعة ببعض المقترحات التي يمكن ان تطرح على القمة، ومن هذه المقترحات ما أقرته ورشة العمل مع الأمانة العامة ومنها ما رأت عدم مناسبته في الوقت الحالي، وهذا يتيح تنوع الرؤى وكثرة الافكار التي نأمل ان تتبلور في شكل قرارات عن هذه القمة التي يتوقع ان تحقق نجاحا كبيرا، خصوصا انها أتت في وقت ايقن فيه الجميع اننا بحاجة الى قوانين وقرارات وخطوات تحمي اقتصاداتنا من أي تأثيرات خارجية.
طموحات كبيرة ننتظر ان تحققها القمة الاقتصادية العربية للشارع العربي لإعادة خلق حركة اقتصادية وتعاون الدول العربية، وقد يكون الاتحاد الاقتصادي سبيلا امثل لتحقيق التعاون الفعلي بين الدول العربية وتحقيق ما عجزت عنه الكثير من القمم السياسية، والأيام كفيلة بان تجعلنا نرى ذلك على أرض الواقع.