يتساءل المرء منا كثيرا عن سر وجوده في هذه الحياة فتراه يحاور ذاته ويسائلها هل هو سعيد وتقي أم انه تعيس وشقي؟ فإن كان الإنسان متفائلا حيال حيثيات ومعطيات وآليات وجوده فإننا نراه ناجحا في عمله يقدم على أداء واجباته فيه بكل تؤدة وتقدم وعطاء وأرى أن العكس صحيح في هذا المجتمع فإن كان المرء فاشلا في القيام بأي خطوة من مهام وظيفته فإنك تراه فجا مقيتا يكره كل خطوة يقوم بها في كل وقت من يومه فتراه دائم التشاؤم والكراهية حتى انه يعمد إلى الانحراف والتردد في الذهاب إليه فيكرهه ويفشل فيه وتراه ينأى بعيدا عن التزاماته حياله.
ولعل الأمر برمته ينعكس على وجوده في المجتمع الذي يعيش فيه فإما أن ترى أفراده مقبلين عليه ورد فعلهم حياله ناجعا ومعطاء أو أن المرء يراهم يتخاذلون عنه ويعودون أدراجهم عنه فلا يقتربون منه ويرونه فاشلا ومتقاعسا فيخشونه ويتحاشون الاختلاط به وكأنه يعيش بلا وجود ولا عمل ولا عطاء.
وإذا ما تأمل أفراد المجتمع بعضهم بعضا فتراهم يتفكرون كثيرا في معطيات وجودهم فيه ومدى الأداء الناجع الذي يحققونه فيه فيحبونه ويقبلون عليه ويحب الناس ويحبه الناس ويحبه الله حتى انه يتفوق بقدرة الله على أقرانه ويبدو متألقا متأقلما مع كل واجب يفرضه عليه رؤساؤه ويحب الحياة كثيرا فتحبه الحياة ويملؤها هو ذاته وبذات نفسه سعادة وعطاء وحبورا، وقد يتساءل الإنسان كثيرا في امور حياته وتراه يتمنى ان يرى ذاته دائما ناجحا بها فاعلا في عمله ونافذا في القيام بواجباته وتكون ردود الفعل عليها كلها تصب في صالحه وتقدمه فيحب وجوده ويتمنى طول هذا الوجود بل انه يرفع قدما بالاهتمام بكل ما يصادفه به متفائلا يدفع قدما به فيعيش في عالم كله سعادة ومحبة مع أهله وأقاربه وأصحابه وزملائه في العمل فيضحك للحياة وتضحك له الحياة ويتمنى أن تكون في مسارها السوي هذا قدما والى الأبد.
وقد يمضي هذا المرء في داخل إطار هذا التقدم والعطاء والنجاح قدما فلا يتردد أبدا ولا يتقاعس عن أداء الواجب أو المسؤوليات التي تلقى على عاتقه فيتأهب دائما ومسبقا للعمل بكل تفاؤل وإيجابية لا بتشاؤم أو سلبية. والحياة تراها جميلة عزيزي القارئ، ولعل المرء يراها أجمل وأسلك إذا كان مؤمنا تقيا صالحا يثق بذاته ونجاح أعماله وتقدم خطواته وردود الفعل الناجحة بها فينشرح صدره وتراه كثيرا ما يردد «اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لسناني» ولعله بهذا يحب حياته ويفهمها جيدا ويعرف كيف يتناولها بكل تؤدة وروية وابتهاج فتراه دائما فاغرا فاه سعيدا بوجوده، متمنيا ألا تمر كل ساعة من حياته دون مزيد من التقدم وكثير من النجاحات التي تدوم وتستمر بل وتمضي قدما جميلة وسعيدة وناجعة.
وجود الإنسان على وجه الحياة مرهون بمدى فاعليته فيها، فكثيرون منا هم من يضحون تضحية غالية في سبيل حياة أفضل وأنعم وأكثر سعادة فترانا نعمل وننجح ونصب جام جهدنا لإنجاح أنجالنا في حياتهم حتى اننا نضحي بالغالي والنفيس من أجل أن نجعلهم أسوياء في ممارساتهم اليومية وواجباتهم المدرسية، وأتذكر صديقة لي توفي زوجها وهي شابة يافعة جميلة وناجحة في عملها، فضحت بكل دقيقة من السعادة في سبيل نجلها الوحيد، فركزت تفكيرها وجهودها لتربيته وتدريسه متطلعة لأن يتفوق في حياته وينجح في مدرسته، والتحق بدراسة تخصص programming في واحدة من أكثر المدارس شهرة ونجاحا في علم الكمبيوتر، وهو في الخامسة عشرة من عمره، ومضى قدما حتى تخرج أخيرا في تخصص نادر في بلدنا الحبيب جراء دفع ودعم والدته، فالتضحية في سبيل النجاح كانت مهولة والزوجة الشابة الجميلة اليوم هي فرحة به، فيما هو مثار إعجاب الجميع، فترى أن سر نجاحه هو تضحية سيدة فاضلة طوال حياتها.
[email protected]