يوم الجمعة الماضي اتجهت الانظار برمتها تجاه فيينا عاصمة النمسا وكلها ومنذ ساعات الصباح الأولى تراقب ما ستسفر عنه المحادثات هناك حول النزاع في سورية.
وفيما كان هؤلاء المعنيون بالنزاع وهم كل من الولايات المتحدة وروسيا وايران وتركيا يتحاورون ويطرحون آراء مكثفة تم التحضير لها بعناية دامغة، ابدى وزراء الخارجية في هذه الدول الاربع اهمية أو ضرورة حلحلة ما كان يراقبه العالم على هذه الأزمة التي مضى عليها سنوات مكتظة بالتقتيل والتجريح عوضا عن هجرة أسر بكاملها من منازلها في قلب دمشق حيث يدور القتال الفتاك، فيما لجأت آلاف من الأسر الأخرى الى معسكرات الإيواء داخل مخيمات في حالة يؤسف لها من الهلع والخوف.
كل هذا بينما يبقى رأس النظام السوري قابعا في السلطة ومتمسكا بقيادة سورية كرأس كوبرا دون ان يجدي تمسكه بالكرسي نفعا عوضا عما يتساءل عنه المراقبون وهو نتاج اجتماع فيينا وما قد يسفر عنه من ترجل بشار الأسد عن الرئاسة وخروجه من البلاد واجراء انتخابات نزيهة ليتولى الحكم من يبتغيه الشعب مع التعاون المؤجج بالهدوء والسلام لإسكات جحيم المدافع والصواريخ ثم تحقيق ما يرقى اليه العالم أجمع من اعادة اللاجئين والنازحين الى ديارهم في أسى لا حد له.
وكيف لا أتساءل عن مرحلة الخوض في مضمار الاحزان وقد ارتحلوا في ذل وهوان وامتهان لم يذق أنس مثله في الحقب الفائتة الا انها تذكرني بالأزمة البوسنية.
أخال نفسي جالسة في موقع الحدث وأنا اتحفز لحضور مؤتمر صحافي حتى تفتتت الثمار مسحوقة على الأرض وأراني أحقق أملا، والآمال كثيرة في اتفاق المؤتمرين على ديباجة حل تريح الشعب السوري الممزق الأوصال وتحيي القلوب في اجساد الملايين العربية المراقبة.
والسؤال الآن: هل الأسد مستعد للقبول بما يخرج به مؤتمر فيينا المرتقب فيخرج الى بلاد بعيدة أم ان ضيق افقه سيبقيه قابعا في السلطة؟
هل نشعر نحن العرب ببزوغ شمس يوم السبت وقد انفرجت الأزمة واندحرت الغمة؟ ام سيتواصل لظى الحرب الضارية ويستمر القتال وقد ضاقت الصدور ذرعا بالرئيس الآثم؟
هل يشعر رئيس النظام بمدى آفاق الرضا اذا اضيئت بهذه الليلة ليل السبت انوار بازقة بارقة بيضاء بياض دخان يخرج من سقف الفاتيكان في كل مرة يتم بها اختيار بابا جديد باتفاق الاساقفة الكبار؟
لا أخالني احتمل رؤية الدخان الأسود متصاعدا، حيث لا اتفاق وهنا لا هداية ولا بطعام حلو المذاق وارتفاع اضواء الألعاب النارية وقد اوتيت محادثات فيينا أكلها وانفراج في الافق يلوح بقلب الجمع الكبير من بشر العالم مبشرا بالحل الامثل.
ولكن المرء اذا لم ير املا في الكثير من الاجتماعات حول أزمة سورية فماذا يدعوه هذه المرة للانصياع لما يمكن ان تبشر به الاذهان والقلوب وارواح الشهداء والقتلى في جنات الخلد.
أرى الآمال بعيدة اللحظة ولكن الى اين والى متى والظروف تبدو مكتئبة ومظلمة لا مشاعل تلج ضوء الأمل بل اصابع شموع بأيادي اللاجئين والنازحين وهم أبطال الملاعب في لظيظ الظلام وأنوار الاخشاب.
ظهر في صبيحة السبت ما اعلنه وزير خارجية الولايات المتحدة من ان اجتماعا مماثلا سيعقد في فيينا بين وزراء الخارجية الأربعة يوم الجمعة المقبل لأرى ما توقعته قابعا كما ذكرت سالفا.
[email protected]