حياة المرء منا مليئة بالمودة والمحبة والسرور، فقد حبانا الله بنعم كثيرة حيث إننا نعيش على ثرى هذه الأرض الطيبة والتي يتصف أهلها بالتواد والتناصر والتلاحم والتعاون والتراحم، وأنعم الله علينا بوافر العطاء حيث الدخول المرتفعة وحياة الرفاهية، ورغم ذلك ترانا نسعى إلى أداء العمل الصالح، حتى وإن ساء حال أحدنا سعينا لله مخلصين له الدين.
وديننا الإسلامي والسنة النبوية كلاهما يدعوننا إلى التراحم والتعاون والتواد فقال جل شأنه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
ولا يقتصر هذا التعاون والتواد والمحبة داخل الأسرة الواحدة وإنما يشمل الآخرين من بني البشر، فقد قال تعالى ( يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
وحال بني الإسلام هو الترابط والتلاحم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
ومن ذلك إصلاح ذات البين، والعطاء لمن هم في حاجة حتى يستقيم أمرهم ويتحول شقاؤهم إلى سعادة وحبور.
ورحم الله المنفلوطي حين قال« أيها السعداء ارحموا الفقراء والبؤساء وامسحوا دموع الأشقياء وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
وكانت توجيهات سمو الأمير خارطة طريق ودافعا لنا للعمل من أجل تحقيق المبادرات ومساندة وتشجيع ودعم الشباب وحملهم على المزيد من العمل البناء لشغل ذاتهم بصالح الأعمال والوظائف والمشاريع والحرف ليحققوا ذاتهم وينظروا إلى الحياة من منظار التفاؤل والأمل والتوجه نحو الأمام متآزرين ومتحابين.
إن كان هذا ما نأمله فمالنا نرى بمجتمعنا الصغير ما يؤثر في النفس، فالأخ قد ينسى أخاه ويظل منقطعا عنه ويسعى لإضعافه وإلحاق الضرر به وربما يخسره برحيله، فالأخ الحقود شديد العداء لأخيه حيث يؤثر نفسه بالخير دون أخيه، لدرجة تجعل الناس يعجبون من ذلك الكره نحو الأخ وكأنه صار عدوا له ناسيا تعاليم الإسلام التي حثتنا على الأخوة والتعاضد والتعاون والتراحم وصلة الرحم.
تلك التصرفات تجعل الحياة في عيوننا كئيبة قاتمة لا نرى فيها ما يسر ولا نشعر فيها إلا بالحزن المقيت.
ولعل ما يثير تساؤلاتي لماذا نرى مثل هذه النماذج في بلدنا الحبيبة؟ حيث نجد بعض الأسر وقد أصابها التفكك وانتشرت فيها العداوات والأحقاد،حتى إذا ما فجعت الأسرة بفقد ووفاة أحد منها حينها فقط نرى الدموع والبكاء لحظة دفنه، وما إن يخرجوا من المقبرة حتى يعاود الكره والعداء مكانه بقلوب الإخوة.
أهكذا هي الحياة التي نحلم فيها بقيم الخير والود والرحمة والإخوة؟!
ذلك الحال ليتني لا أراه وأفضل الارتحال بعيدا حتى لا أرى عيني تسكبان دموعا لا تتوقف.
إنني أحلم بحياة تملؤها الأخوة والإيثار، حياة جميلة راقية حافلة بالخيرات كشجرة راسخة لا تهزها رياح بل أغصانها عالية مرفرفة في عنان السماء تبتغي الخير وتؤتي ثمارها ويجني الجميع خيرها.
إنني أحلم بحياة يسعى فيها الأخ لخير أخيه يكن له المحبة والإيثار، وأحلم بقلوب صافية بيضاء كبياض الثلج لا سواد فيها ولا حقد.
فهل يتحقق حلمي؟ نعم .. لعل وعسى.
[email protected]