كثيرة هي المبادئ التي تعيش عليها المجتمعات أو تلك التي يكتسبها الفرد في المجتمع الواحد، وهي تعد من الركائز التي يمتلكها الفرد ويضعها نصب عينيه ويترجمها واقعا معاشا في تصرفه ويسير على نهجها، ولأهميتها أقول في كل دعاء «اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني» ليتحقق التيسير من رب العالمين العلي العظيم.
أقول هذا وأنا أرى في هذا البلد الآمن برضا الله عنه ان هناك من يتخبط في أداء عمله حتى ان رؤساءه في العمل ينكرون عليه هذا التهاون، الذي يتناسى معه قول المولى عز وجل: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)، وفي المقابل نرى الكثير من الناس المتميزين في عملهم هم من أصحاب المبادئ، ومن لا مبدأ له فلا تنتظر منه عملا متقنا، لاسيما أن ديننا الإسلامي الحنيف لا يرضى إلا عن أصحاب المبادئ السامية، قال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)، وهذا في الحقيقة هو الواقع الذي تسير عليه ديرتنا الحبيبة من خلال الدين الإسلامي المبارك.
والحديث عن المبادئ والقيم ذو شجون، فهي أصول وغرائز عظيمة تكمن في الفرد، في طبعه وسجيته منذ بدء الخليقة، وجميع الأنبياء والمرسلين إنما كانت بعثتهم لإكمال هذه القيم والمبادئ، وهذه المبادئ والقيم دائما ما تكون في صراع مع النفس البشرية، فهي تؤثر في سلوك الفرد وشخصه، وتعامله مع غيره، بل تعد مقياسا تتفاضل به الأمم والشعوب فيما بينها.
وفي ذلك يقول- صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، فهو صلى الله عليه وسلم الذي أرسى هذه المبادئ والقيم، لتكون منهاج حياة، يسير عليها الصغير والكبير، فهي أكثر الأشياء خطورة، حيث إن الانحراف فيها أو الخلل بها قد يصل بالأمة إلى الهاوية.
ولابد من توظيف هذه المبادئ، والاهتمام بها منذ الصغر، فيربى عليها الصغير، وتكون سجية له، ويتأثر بها من بعده، وهكذا تكتسب القيم والمبادئ وتتوارث، وكما أن لكل بيت ومنزل أعمدة يكون عليها البناء، فكذلك الأمم والشعوب والأفراد، لا تستقيم أمورهم ومعيشتهم إلا بهذه الأعمدة، بل لا تستقيم أخلاقهم ونظامهم وسياستهم إلا بتلك المبادئ وتلك القيم، يقول سبحانه وتعالى: (كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال). وديننا الإسلامي الحنيف دين شامل لكل مناحي الحياة، فهو دين المبادئ والقيم، ودين الأخلاق والمعاملة، فلم يدع مجالا من مجالات الحياة إلا بين فيها الحسن، ليمتثل، والقبيح، ليجتنب، ومما يدل على شمولية الدين لكل مناحي الحياة، ما أوضحه الكتاب والسنة وآثار الأئمة من آداب الطريق، وحقوق المارة، ومجالس الناس العامة والخاصة.
يقول الله تعالى في الكتاب العزيز: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما). والإسلام هو مجموعة من المبادئ والقيم الروحية التي جاءت لتزود البشرية بمبررات جديدة، لتحيا حياة حقيقية، وفق منهج إلهي شامل.
ويقول جل شأنه: (يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)، ويقول سبحانه: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا)، فهذه الروح الموحى بها والتي لا قوام للجسد إلا بها، ما هي إلا تلك المبررات التي تعطي للإنسان قيمته الاجتماعية، وتحوله من إنسان ضال إلى إنسان يسير على هدى وبصيرة (ووجدك ضالا فهدى). فالإسلام دين المبادئ والقيم، والأخلاق الفاضلة، ودين العدل والرحمة والسماحة.
بارك الله فيكم ورضي عنكم، وفي ظل المبادئ والقيم العظيمة عشتم سعداء راضين سالمين هانئين.
[email protected]