نامي النامي
المشهد السياسي الكويتي يشهد احتقانا وتوترا مستمرا بين السلطتين وإذا رجعنا إلى الأسباب نرى أن هناك سببا واضحا وهو عدم وجود تطوير الديموقراطية منذ 47 سنة، فالكويت جبلت على الديموقراطية والتشاورية وأخذ آراء الأغلبية قبل اتخاذ القرارات المهمة منذ تأسيس الدولة، ولذلك تميز هذا الشعب ولفت أنظار دول الجوار من حيث القدرة على تحويل البلاد وبنائها بشكل ملحوظ، وفي عام 1962 ولد الدستور الكويتي المعمول به حاليا وتأسس مجلس الأمة وهو بصمة وضعها الأجداد ومثال يحتذى به بين الدول العربية في تلك الحقبة، لأن الكويت طبقت نظرية السير نحو الديموقراطية بطريقة منهجية وقانونية، ورسمت هذا القانون بواقع نصوص دستورية وافق عليها الشعب والأسرة الحاكمة، وهذه البنود تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ونظمت أيضا جميع العلاقات الإدارية والحقوق المدنية وكيفية إدارة الدولة ويحفظ حقوق كل فرد على حدة.
تاريخ مشرف ومحل فخر للشعب الكويتي ولكن من سنة 1962 إلى اليوم لم يكن هناك أي تطور ملحوظ في الديموقراطية، وأي ديموقراطية تبدأ أو تدخل على أي دولة تمثل بولادة طفل جديد يحتاج الى الاهتمام والرعاية والمداراة لكي ينمو ويترعرع على أساس قويم حتى يصل في نهاية المطاف إلى النضوج الديموقراطي، ولكن الملاحظ في الكويت أنه لم يكن هناك أي تطوير للديموقراطية، ولا نية لدى بعض للساسة للتوجه نحو طريق التطوير، بل إن هناك محاربة لمن يلوح بالتطوير وهناك كثير من الأزمات السياسية والاحتقان الدائم في الكويت وكأنها علاقة «الضرائر» (الشرايج) بين الحكومة والمجلس، كما شهدنا في العقد الأخير أن هناك علاقة توتر وخلافات كبيرة بين النواب أنفسهم، أي انقسام المجلس على نفسه فالمهاترات والتراشق بالاتهامات والتشكيك في النوايا والصراخ وتدني لغة الحوار أصبحت وللأسف عنوان الساحة السياسية، والأبعد من ذلك أصبح الاتهام بالولاءات والذمم أمرا مستساغا للبعض.
إن الاحتقان السياسي الذي نعاصره في الكويت ليس وليد اللحظة بل هو عبارة عن ترسبات قديمة بحكم أن الديموقراطية بالكويت تحتاج إلى تطوير، ومن غير المعقول ان تعمل الدولة وفق أنظمة تتجاوز الأربعة عقود ولا تحتاج إلى تنقيح وتطوير.
إن تغير الزمان يغير معه فكر الإنسان، وعلى مر الأزمنة كان للإنسان بناء وتطوير، والحضارات السابقة أصبحت معلما من معالم صنع الإنسان وقدرته على تطوره على مر العصور، فمن المعروف أن جميع الدول التي ارتضت بالديموقراطية وجهة لها أصبحت تطور نفسها بنفسها حتى أصبحت من الدول الديموقراطية الحديثة ومن المعروف أنه كلما زادت جرعة الديموقراطية بالدول زادت معها سعادة الإنسان.
إن قبة عبدالله السالم تحولت الآن إلى مسرح للمزايدات والمهاترات وأداة لفرقة الوحدة الوطنية ولتنامي الفئوية والقبلية والطائفية واستطاع ان ينقلها إلى الشارع الكويتي.
وأصبح المواطن مثقلا بهموم الاحتقان السياسي، وأما الديموقراطية فهي كلمة فقط تستخدم للشعارات الزائفة وبالتالي إذا رجعنا للتاريخ نرى أن اشتقاق كلمة ديموقراطية لغويا هي كلمة مركبة من كلمتين: الأولى مشتقة من الكلمة اليونانية demos وتعني عامة الناس، والثانيةkratia وتعني حكم، وبهذا تكون الديموقراطية تعني لغة «حكم الشعب» أو «حكم الشعب لنفسه».
والديموقراطية تتطور وتتطور معها جميع علوم الإنسان، لكن في الكويت لم يكن هناك تطوير وخاصة في السنوات الأخيرة، فكما تشير الإحصائيات رأينا انحدار مستوى ومخرجات التعليم والصحة والبنية التحتية والكهرباء وأيضا الرياضة يا ترى لماذا؟
الديموقراطية الحقيقية عندما تدخل دولة ترقى بها ويرقى الإنسان فيها وتكون التنمية حقيقية وسريعة.
الخلاصة: مفهوم الديموقراطية واضح لمن أراد تفسيره ونرى وللأسف أن بعض الساسة بالكويت يقفون سدا منيعا ضد أي تطوير للديموقراطية.
إن مسؤوليتنا اليوم أن نطالب بالمزيد من الحريات التي لا تخالف الشريعة الإسلامية ولا العادات والتقاليد وترسم لنا السعادة حسب الدراسات والتقارير التي تقول كلما ازدادت جرعة الديموقراطية لدولة ما ارتفعت سعادة الإنسان وإن زيادة جرعة الديموقراطية تزداد معها جرعة جميع علوم الإنسان، وكفانا مزايدات على أنفسنا وآن الأوان لنتكاتف ونتطور.