د.نامي النامي
خرّج الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» عن أبي مسلم الخولاني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لقمان كان عبدا كثير التفكير حسن النظر كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله، فمنّ عليه بالحكمة، نودي بالخلافة قبل داود فقيل له: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟ قال لقمان: إن أجبرني ربي قبلت، فإني أعلم أنه إن فعل ذلك أعانني وعلمني وعصمني، وإن خيرني اخترت العافية، ولم أسأل البلاء، فقالت الملائكة: ولم يا لقمان؟ قال: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، فيخذل أو يعان، فإن أصاب فأحرى به أن ينجو وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلا فهو خير من أن يكون شريفا ضائعا، ومن يخيّر الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا ولا يصيب الآخرة، فعجبت الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فأعطي الحكمة، فانتبه وهو يتكلم بها ثم نودي داود بعده بالخلافة فقبلها ولم يشترط ما اشترط لقمان، فوقع في الذي حكاه الله عنه، فصفح الله تعالى عنه وتجاوز، وكان لقمان يؤازره بعلمه وحكمته، فقال داود: طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة فصُرفت عنك البلية».
إن حكم لقمان مأثورة وكثيرة، قال وهب بن منبه: قرأت في حكم لقمان أكثر من عشرة آلاف باب، قال الله عز وجل في سورة لقمان: (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير يا بني أقم الصلاة وَأْمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير).
ومن حكم لقمان: سئل لقمان: أي علم أوثق في نفسك؟ قال: تركي ما لا يعنيني. وقيل له: أي الناس شر؟ قال: الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا. وقال: لا تعاشر الأحمق وان كان ذا جمال، وانظر إلى السيف ما أحسن منظره. وقال: اشكر لمن انعم عليك، وأنعم على من شكرك، فإنه لا بقاء للنعمة إذا كفرت، ولا زوال لها إذا شكرت.
وعن عبدالله بن بكر بن عبدالله المزني قال: سمعت أبي يقول: قال لقمان: ضرب الوالد لولده كالسماد للزرع.
الوصايا المتفرقة: قال لقمان لابنه: يا بني، حملت الصخر والحديد فلم أحمل أثقل من الدين، وأكلت الطيبات وعانقت الحسان فلم أصب ألذ من العافية، وذقت المرارات فلم أذق أمر من الحاجة إلى الناس. وقال يا بني: إنما الوالدان باب من أبواب الجنة، فإن رضيا مضيت إلى الجنان وان سخطا حجبت عنها. وقال أيضا: يا بني، لا تجالس الفجار ولا تماشهم، اتق أن ينزل عليهم عذاب من السماء فيصيبك معهم. وقال أيضا يا بني عود لسانك أن يقول اللهم اغفر لي، فإن لله ساعة لا يرد فيها الدعاء.
نرى أن العواصف الكلامية الموسمية بانت بوادرها مرة أخرى على المشهد الكويتي والتراشق بالكلمات على حساب الوطن والمواطن، وكثرة هذه الصراعات وخاصة السياسية تأتي على حساب أشخاص ليسجلوا بها، وللأسف، مواقف يرون انها مكاسب واستحقاقات وتكسب نيابي وسياسي فما أحوجنا إلى الصمت والتفكير والتفكر والرجوع لله عز وجل ولكتابه الحكيم وللسنة النبوية الشريفة، والاستفادة من المواعظ والحكم لحل جميع المعضلات الدنيوية من خلال التحلي بقيم الإسلام النبيلة.