د.نامي النامي
«لا يوجد دخان من غير نار» هكذا يبدو المشهد البرلماني بأنه يدفع باتجاه الفساد المنظم من خلال عدم التمسك بالأنظمة واللوائح والقوانين، فهناك بعض النواب كانت لهم يد ومازالت في استباحة حرمة القوانين في مؤسسات الدولة حتى أصبحنا اليوم نراها وصلت وللأسف إلى أروقة مجلس الأمة.
بالأمس شهدنا جدية إدارة مجلس الأمة في عملية الضبط والربط لموظفي المجلس وخاصة سكرتارية الأعضاء، والتصريحات الأخيرة تدل على أنه سيتم وضع بصمة للموظفين لبيان الحضور والانصراف وبالتالي شهدنا معارضة شديدة من الموظفين وقدموا معارضتهم لرئيس المجلس جاسم الخرافي، وبالتالي شرحوا له أن طبيعة عملهم تستوجب خروجهم المتكرر.
فتدارست إدارة مكتب المجلس هذا الموضوع ووافقت على الاكتفاء ببصمة واحدة صباحا أي الحضور وعدم المحاسبة على الانصراف، وهذه الآلية أصبحت جاهزة للتنفيذ وتمنع الوظائف الشكلية في سكرتارية المجلس، ولكن فوجئنا من تصريحات بعض النواب بأنهم يطالبون بترك الحبل على الغارب ويطالبون بتطبيق نظرية المماثلة لنقل الفساد المتفشي بوزارات الدولة إلى مجلس الأمة بحجج ضعيفة وغير منطقية، ويدعون أن وزارات الدولة بها فساد إداري وبطالة مقنعة، ولم تحاسبوا وتطالبوا موظفي المجلس بالالتزام بالبصمة بينما هناك تسيب في بعض الوزارات؟
من باب أولى أن يكون مجلس الأمة مثالا يحتذى في تطبيق القوانين واحترام الأنظمة واللوائح، والنواب مسؤولون مسؤولية كاملة عن الحقوق والمكتسبات، والمحافظة على النظام واحترام القوانين والوقوف وقفة جادة لمن تسول له نفسه التعدي علي القوانين لا أن يكونوا أداة من أدوات الفساد التي تسود البلاد، لابد أن تكون لنا كلمة ولا نقف مكتوفي الأيدي لما نراه من بعض الذين يزايدون على الكويت الحبيبة وكيف لنا أن نرى التجاوز من قبل أشخاص استأمناهم على تمثيل الأمة ونشر العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع واحترام القانون وبالتالي نرى بعضهم حريصا على تجاوز القوانين وبصوت عال.
ونستغرب أيضا أن من هذه الحجج ألا نلزمهم بنظام بصمة الحضور لأنه ليست لهم مخصصات، فهذا الكلام مردود عليه، بما أن المجلس سلطة تشريعية باستطاعتها التشريع في هذا الجانب وتخصيص مكتسبات وكوادر ومخصصات تليق بمهنتهم وإلزام الجهة المعنية بهذه التشريعات، فالشعب الكويتي لا يمانع في ذلك بل وحريص على إيصال الحق لكل ذى حق، فاليوم نحتاج الى العمل الدءوب والجاد لا للمهاترات والمزايدات ومضيعة الأوقات وعدم احترام القوانين.
فإذا أردنا الحقيقة هل يحتاج كل نائب إلى 15 سكرتيرا؟ نرى أن كل نائب يحتاج فعليا إلى ما بين واحد إلى ثلاثة موظفين فقط، لذا نطالب الأعضاء الحريصين على تقويم المخرجات البرلمانية بأن يسارعوا إلى تشريع احتياجاتهم الأساسية من ذوي الخبرة والتخصص لتستخدم كمرجعيات لهم بالتشريعات، مثل السماح بالانتداب والنقل وتوظيف مستشارين ذوي خبرة وكفاءة ومتخصصين في الشؤون التشريعية سواء مراقبين أو مستشارين، بدلا من استقطاب عدد من الموظفين الهامشيين.
نطالب مجلس الأمة بأن يكون حريصا ومراقبا ومحاسبا للذات أولا ثم محاسبة ومراقبة الآخرين ونستشهد بذلك بقوله تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ـ البقرة:44).