ناصر العنزي
قالوا في الصحافة الكثير، قالوا انها بوق السلام وصوت الامة وسيف الحق القاطع، تهز عروش القياصرة وتدك معالم المستبدين، وقالوا ان الصحف قلاع من الورق لا تؤثر فيها قنابل المدافع، والاقلام التي تكتب بها الصحف مصنوعة من الرصاص، وقال السلطان العثماني عبدالحميد: لو عدت الى «يلدز» لوضعت محرري الصحف كلهم في فرن واحد.
ومن طرائف الصحافة ان صحافيا شابا اراد الحصول على حديث مع توماس الفا اديسون (1847 ـ 1931) صاحب الالف اختراع، لكن العالم الكبير رفض الكلام، فما كان من الصحافي الا ان نشر في اليوم التالي حديثا مطولا مع اديسون بعنوان «اعظم مخترع في العالم»، فاتصل به اديسون وقال له: بل انت اكبر مخترع في العالم وليس انا!
واطرف ما يروى من اخطاء صفحات الوفيات ان انطون الجميل رئيس تحرير «الاهرام» وصل اليه نعي في وقت متأخر قبيل الطبع، فكتب عليه: «ان كان له مكان»، اي يضاف الخبر اذا كان له مكان في الصفحة، فظهر النعي في اليوم التالي هكذا: «مات اليوم فلان الفلاني مثواه الجنة ان كان له مكان».
ويجمع خبراء المهنة ومختصوها على ان «المانشيت» نصف الخبر ويعكس قدرة الكاتب على ايصال المعلومة من اقصر الطرق، وفي الصحافة الرياضية، فإن العنوان عادة ما يكون مختصرا ومباشرا، وبعد فشل فرنسا في التأهل الى مونديال كأس العالم عام 1994، عنونت صحيفة «لونزو» صفحتها الرئيسية بكلمة واحدة «الخروج»، وكتبت صحيفة «لاغازيتا» الايطالية بعد فوز «الآزوري» بكأس العالم 2006 «نحن العالم».
ووضعت صحيفة «الأنباء» صورة خلفية للاعبي منتخبنا الازرق بعد النتائج السيئة في كأس «خليجي 16» في الكويت 2003 وكتبت بالخط العريض «الأسوأ»، في حين ان اقسى عناوين «الأنباء»، ومازال يتذكره لاعبو المنتخب، كان محليا صرفا «ما عليكم شرهة» وذلك بعد الخسارة من عمان بثلاثة اهداف في «خليجي 15» بالرياض.
وبعد الطفرة الكبيرة في عدد الصحف والمجلات، برزت ايضا مواقع رياضية وصحف الكترونية، وتميز موقع «كووورة» بفهرسة مواده وتنوع اخباره وسلاسة التنقل بين صفحاته، واصبح من المواقع العربية المهمة التي يرجع اليها الزائر في كل الاوقات، ومن اهم صفحاته منتديات كووورة التي تتيح للاعضاء حرية التعبير عن آرائهم وتوجياتهم لا تخلو من التحليلات المميزة للواقع الرياضي.
يقول احد القراء المعتقين: اين تلك الايام؟ كنا نرى الصحف الخمس عالما آخر، نغوص في اعماقها ونخرج باندهاش، كما نقف عند اشارات المرور ننتظر بائع الجرائد لنقرأ عناوين العربي والقادسية ثم نقص صور جاسم يعقوب وفتحي كميل واحمد الطرابلسي وفيصل الدخيل الملونة ونعلقها على جدران غرفنا، كنا نذهب الى الملعب قبل بداية المباراة بثلاث ساعات وننتظر حتى طلوع الفجر لقراءة الصفحات الرياضية.
طرائف الصفحات الرياضية كثيرة ومتنوعة، ومنها «أهدرها في الشباك» ولتلك العبارة قصة لا يعرفها الا اثنان: ابوبدر وابوضاحي!