ناصر العنزي
جلست ابنتي الصغيرة ديمة (7) سنوات الى جواري نطالع مباراة البرتغال وكوريا الشمالية وانتهت بسباعية قاسية للبرتغاليين وقالت لي ببراءة ان الكوريين خسروا لأن «عيونهم صغار ما يشوفون الكرة» وضحكت كثيرا على تعليقها وفيه نسبة كبيرة من الصحة فما حدث ان ممثل آسيا كان بحاجة الى عمليات تجميل لرفع جفون لاعبيه المتطابقة والضيقة عن بعضها، بعدما انعدمت الرؤية تماما عندهم في تلك المباراة حتى خيّل لنا ان لاعبي كوريا لم يعودوا يشاهدون الكرة إطلاقا وكانوا بحاجة الى نظارات طبية للتفريق بين كريستيان رونالدو وسماو سابروزا مع انه لا تشابه بينهما اطلاقا.
في مثل هذه الأيام من العام الماضي هلع العالم بانتشار مرض حمى «الخنازير» شفانا الله وإياكم من كل الأمراض، وما يحدث الآن بعد مضي أسبوعين من انطلاقة كأس العالم هو مرض «الهوس» الفضائي والإعلامي، فالكل يتحدث عن المباريات والنجوم والنتائج والترشيحات. تضغط على أزرار الريموت فتشاهد في التلفزيون مدربا سابقا ومدربا حاليا وصحافيا سابقا وصحافيا حاليا ولاعبا سابقا ولاعبا حاليا وممثلا ومطربا ومذيعا و«كومبارس» جميعهم يتحدثون عن البطولة، والكل أصبح خبيرا في الكرة يقيم ويصحح وينتقد، الكبار والصغار، الرجال والنساء، حتى الأطفال تركوا مسلسلات الكارتون وتفرغوا للمباريات.
المتابع الجيد للفضائيات يفرّق بين الحرفية و«الخرفية» المهنية في تغطية أحداث البطولة ووحدها بالطبع قناة الجزيرة مالكة حقوق النقل تغرد خارج السرب وفق منظومة إعلامية ناجحة وتغطية متمكنة للأحداث على مدار الساعة، واستوقفني في هذا السياق ان تلفزيون كوريا الشمالية بث لأول مرة مباراته مع البرتغال بثا حيّا حيث كان في السابق يعتمد على البث التسجيلي خوفا من ظهور صور حملات المعارضين للحكومة والمؤسف لهم بالطبع ان فريقهم خسر بسبعة أهداف في أول نقل مباشر في تاريخه.
الإعلام الفرنسي كعادته يشعل عود الثقاب بالقرب من البنزين ثم يرفع يديه في إشارة لبراءته، وتسببت صحيفة «ليكيب» في تمزيق أوصال منتخب بلادها بعد نشرها حادثة انيلكا ودومينيك بكل تفاصيلها وشتائمها ثم عادت ووصفت اللاعبين بـ «الغنم» وانهم أطفال صغار، وزاد دومينيك الأمر سوءا بقوله عن اللاعبين المتمردين إنهم أغبياء.
إذا كانت كوريا الشمالية خسرت لأن عيون لاعبيها «صغار» فإن فرنسا تدهورت بسبب عقول لاعبيها ومدربها الصغيرة.