ناصر الخالدي
الحياة حافلة بالعناء والتعب، فالمواعيد من جانب والالتزامات من جانب اخر والخلافات التي تحدث لاتفه الاسباب وغيرها من الاشياء التي لا نستطيع ان نحصيها وفي كل مكان زحمة وضوضاء واصوات مزعجة واشكال اكثر ازعاجا. فالشوارع في زحام دائم لا ينتهي ما دام في الارض بشر، وما دامت عند البشر سيارات فلك ان تتخيل بعض المزعجين وما يصدرون من ازعاج وتوتر اينما تذهب فحتما تواجه نفس المصير تذهب الى البحر وتجلس على الشاطئ لتشم الهواء الجميل تنظر فاذا بمقطع من فيلم اباحي ولكن العرض مباشر، تذهب الى المجمعات لا شيء سوى الدوران المتكرر ثم الانتظار عند احد المطاعم وتناول وجبة سريعة والعودة بلا فائدة فقط اهدار الوقت بما لا يليق بالانسان.
هذا ما قد دعاني لاعتزال الاماكن الصاخبة وخصوصا الاسواق والمجمعات التجارية فلا اؤيد دخولها الا عند الضرورة القصوى او اذا اضطررت الى مجاملة احد ما وانتم تعلمون حكم المضطر، اسأل الله الا يجعلكم من المضطرين، وربما يقول البعض اني معقد او غير متطور وانا بهذا افضل من اكون غير مؤدب او جاهل، وهكذا عندما اعتزلت الذهاب الى هذه الاماكن الصاخبة ثارت نفسي واعلنت اشتياقها للاماكن الهادئة فوجدت المساجد واحة بها ما اريد، بل اضعاف ما اريد من هدوء وانتعاش لا اصوات مزعجة ولا فوضى بل وجوه نيرة ونفوس طيبة تجتمع على خير وتفترق على ما اجتمعت عليه، لا تجمعهم المصالح بل هو الحب في الله تجمعهم اخوة لا قبلية ولا عصبية بينهم يتعلمون دروس الاخوة بلغة الايمان وبصوت القرآن وفي بيت الرحمن.
ومن المساجد الى الحدائق فالهواء الطلق لوحة جميلة والورود برائحتها الزكية اطار لهذه اللوحة التي تعلق في الذاكرة هنا يفيض الابداع وتولد المحاولة ثم تموت فتولد اخرى الى ان يخرج من لعاب القلم ما يستحق ان يعيش فيكبر ليكتب، فهذه الاماكن تحتضننا لتأخذنا بعيدا عن المتاهات والآهات وبعيدا عن الضوضاء والفوضى لتحملنا على اجنحتها ضيوفا اعزاء تبذل لنا قصارى جهدها لا لشيء فقط الا لمجيئنا فانظر الى كرم هذه الاماكن تعرف لؤم تلك الاماكن التي لا يعود الانسان منها بفائدة تذكر الا بصداع الرأس الذي كان ضريبة ما يسمى بالتنزه والترفيه عن النفس، فنحن ما زلنا نسمع عن عشاق المجتمعات وما يقومون به من افعال وتصرفات غريبة بل ان بعضهم في كل نهاية اسبوع تجده على نفس الحالة المزرية فتراه يتجول بعد ان لبس من الملابس اغربها وليس عنده سوى ازعاج الآخرين.
جولة
التنزه لتغيير الجو امر مهم ولكن اختيار الوقت امر اكثر اهمية فأوقات العطل وخصوصا الفترة المسائية تكثر المشاكل والفتن والمناظر المحزنة وامور المعاكسات والمضايقات بل وللاسف تحصل امور يرفضها الحيوان اجلكم الله فكيف يقبلها الانسان؟
لذلك علينا ان نراقب الله واذا خرجنا نخرج ونحن متيقنون بأن الله يرانا فالاحترام سبب من اسباب السعادة والسرور وراحة البال واستقرار الضمير والعاقل يحرص كل الحرص على الجلوس بالاماكن التي تليق به.