ناصر الخالدي
ما بالنا نرتعد خوفا ورهبة وتصفر وجوهنا عندما نقابل أحدا من المسؤولين أو مديرا من المدراء، بل ونستعد لهذه المقابلة قبل ان تحين بساعات وأحيانا بأيام ولا يأتينا النوم إلا بعد انتهاء المقابلة وتجدنا قبل ان يحين موعدها نختار الكلمات وننتقي العبارات والجمل ونستعد احسن استعداد، ندخل بأدب واحترام ونجلس بهدوء بعد أن نغلق الهاتف أو تجعله على الوضع الصامت ونفرح بهذه المقابلة ونعتبرها انجازا ونلتقط الصور التذكارية ونعلقها في كل مكان، وحق لنا ذلك، على انك تجد اننا ندخل الى بيت الله جل جلاله ونحن نتحدث بصوت مرتفع، نتناقش في امور الدنيا ونتباحث في جزئياتها وتفاصيلها ونتكلم عن زخرفها وزينتها ونقبل على الله وفي اذهاننا الحياة والمواعيد والالتزامات، نفكر بالآتي ونترك الحاضر ونسمع آيات العذاب والوعيد تتلى ونحن نتراقص طربا لصوت القارئ وكأن المعني غيرنا، وكأننا من المبشرين بالجنة، وهل نتذكر ما قد نسينا إلا في الصلاة؟ وهل نطوف بدنيا الخيال إلا أثناء الركوع والسجود؟ وهل نخرج من مكان ما بسرعة كما نخرج من المساجد؟
كلنا نحرص على ألا يأخذ عنا أحد انطباعا سيئا فهل سمعت عن احد يجعل رنة هاتفه أغنية ماجنة أو موسيقى صاخبة او مقاطع هابطة وهو في حضرة عمه أو خاله أو حتى عندما يكون في حضرة رجل لا يعرفه، وفي المناسبات والاجتماعات تجد من يغير تنبيه الهاتف حتى لا يجرح مشاعر الموجودين وحتى يعطي المكان هيبته.
على انك وللأسف الشديد تجد من يزعجك برنة هاتفه أثناء الصلاة، وتحاول ان تخشع بصلاتك فلا تستطيع، وهذا الأمر بدأ يتكرر في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ فنحن لا نسمع الأغاني في التلفزيون لأننا نتحكم في اختيار القنوات التي نشاهدها ولا نسمعها في المذياع لأننا نعرف المحطات التي تناسبنا ولكننا نسمعها في المساجد من اناس نسأل الله ان يهديهم.. وحتى ساعة الهداية نرجو من الإخوان في وزارة الأوقاف وضع لوحات ارشادية عند ابواب المساجد علما ان هناك جهازا يمكن وضعه داخل المسجد ووظيفة هذا الجهاز قطع الارسال عن الهاتف، إلا انني لا اعلم ان كان هذا الجهاز من الناحية الطبية يسبب مخاطر للإخوان الذين يعانون من امراض القلب ام لا، فإذا كان لا يسبب اضرارا ومضاعفات نتمنى وضعه في جميع المساجد فليس بالأمر الهين وقوفك امام ملك الملوك وانت تناجيه وتسأله المغفرة والرزق ثم ترتفع اصوات الموسيقى فتنسى معها كل شيء وهل هناك ازعاج بعد هذا الازعاج؟
ولو وجهت لك دعوة لحضور حفل عشاء خاص حتما لن تجد من بين الحضور من يحضر معه أبناءه الصغار ولو وجدت ذلك فربما تقول في نفسك «صچ ما عنده ذوق» ولو طلبت منك ام العيال ان تأخذ أبناءك الصغار معك لا شك ستنفجر في وجهها وتسمعها شتى انواع اللوم والعتاب ولكنني اسألك: ألا تجد من يأخذ معه اطفاله الى المسجد ويجعلهم يركضون ويعبثون ويلعبون ويصرخون ثم يمسح على رؤوسهم قائلا (ما شاء الله عليكم) ويداعبهم ويلاطفهم بحجة انه يربيهم على الصلاة والدين؟!
اننا لا نمانع ذلك بل نبارك هذا الحرص ولكن هناك طريقة معينة وفي سن معينة.. أليس كذلك؟