ناصر الخالدي
رائحتها كريهة وشكلها قبيح، ضعيفة حتى لا ترى منها إلا خيالا ولا أبالغ إن قلت انني أكرهها أشد الكُره، فلا فائدة منها ولا حاجة لي فيها، ولكني أرى أناسا كثيرين يتهافتون عليها فجئت الآن أكتب عن حقيقتها وأعبر عن رأيي تجاهها علما اني لم أخض معها تجربة ولم تكن لي معها علاقة وهذه التي أتكلم عنها يراها البعض غالية تستحق التضحية والإيثار.
على رسلك أيها القارئ الكريم فأنا لا أتكلم عن امرأة ولكني أتكلم عن «السيجارة» التي بسببها يموت العشرات من الناس وبســـببها يوجد عشرات آخرون في المســتشفيات وضحايا أكثر مما يتصور احد، كلهم يعانون وقد ابتدأت معاناتهم مع اول سيجارة أشعلوها فتصاعد دخانها ليحرق كل المعاني الجميلة، فهل تصدق ان هناك مئات من المراهقين كلهم مدخنون، بل وبعضهم يدخن بشراهة، وتعجب اذ تـــجده يمـــدح التدخين ويعتبره فرصة للتنفيس وحلا مناسبا للتخلص من مشاكل الحياة المستمرة وهذا كلام خاطئ، لأن الشركة التي صنعت السجائر كتبت تحذيرا صحيا ووضعته على كل علبة وهذا التحذير يقول «التدخين سبب رئيسي للسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والشرايين»، فأين التنفيس في هذه الأمراض الأربعة؟ إنها أعذار نوهم أنفسنا بها ونتوقع انها حل ولكن الحقيقة انها ليست الحل.
في كل مكان أذهب اليه اصادف مدخنا في الشارع وفي المستشفى وفي الوزارة وفي البنك وغيرها من الأماكن وكل هؤلاء يمارسون عملية التدخين امام الناس، وبهذه الطريقة يتسببون في انحراف شريحة كبيرة من المراهقين، فالشاب المراهق عندما يجد اباه الذي تعلم منه كل شيء يدخن لن يتردد في التدخين، وكذلك التلميذ الذي يرى معلمه الذي يحدّث التلاميذ عن الأخلاق والقيم والمبادئ ثم يخرج من الفصل ليشعل سيجارته لن يرى في التدخين بأسا، الأمر الذي لا يمكن تجاهله هو التدخين في الاماكن العامة.
تذهب الى المستشفى وأنت مُتعب، وبأمس الحاجة الى الراحة فتجد من يقف بجانبك ويدخن وأنت تستنشق الدخان وهو لا يبالي بصحتك ولا بصحته ولا بصحة المرضى، فهل هناك وقاحة أكثر من هذه الوقاحة؟ وقد قابلت في حياتي اكثر من مدخن وتحاورت مع اغلبهم فلم اجد لديهم سببا مقنعا يدفعهم الى التدخين، ووجدت فيهم من يتمنى ان يتخلص من هذه الكارثة ويعتبرها اكبر مصائب حياته وبعضهم يشعلها ثم يطفئها ثم يشعلها ولا حاجة له فيها غير انه اعتاد على ان يكون أسيرها، ولو جاهد نفسه للتخلص منها لعاش بصحة وعافية.
في مشارق الأرض ومغاربها فقراء يلهثون الليل والنهار من اجل الحصول على كسرة خبز، وفي بلدنا من تنفق الاموال الكثيرة في شراء علب السجائر والجلوس في المقاهي دون هدف او غاية فماذا لو تكاتفنا من اجل نصرة هؤلاء الفقراء؟ ولدي سؤال: إذا كانت علبة السجائر تحمل عبارة تحذير فلماذا لا تُمنع من البيع وفي منعها راحة واستقرار وتوفير وازدهار؟
اخيرا أتمنى من الاخوة المدخنين ألا يأخذوا مقالي هذا على انه هجوم أو نقد واعتباره مجرد وجهة نظر ونصيحة أخوية من القلب إلى القلب.