ناصر الخالدي
انت تهدي من تحب باقة ورد وزجاجة عطر لأنك تحبه ولأنك تريد ان توثق العلاقة وتقوي اواصر المحبة وقد تنتظر الفرصة المواتية حتى تعبر له عن مشاعرك تجاهه فإذا ابتسم كانت الحياة عندك جنة ونعيما، اما ان ضاق واكتأب فهي جحيم ونار تستعر، لأنك ترى الحياة بوجود من تحب ولأن حبك منبعه العقل فلا عجب فيما تفعله ولكن العجب كل العجب من محب رأى فتاة لا تدري ما الهوى، ولا تعرف ما الوصل احبها ثم توسل اليها المرة تلو المرة الى ان ضعفت وترددت ثم وافقت فعاش معها فترة من الزمن على احسن ما يكون يختار لها الكلمات ويجود لها بالعبارات ويشتري رضاها بالورود والهدايا والرسائل والصور، حتى علقت به فرأت فيه فارس احلامها ومصدر إلهامها وجنتها وعالمها المثالي ولم تر فيه إلا الوسامة والسمت والرجولة وانه مختلف عن الوحوش والذئاب البشرية، احبته حتى لم يعد قلبها يتسع لمحبة غيره ورأته حتى لم تعد ترى غيره ومضت الايام وسفينة الحب تجري في بحر الحياة حتى وهبت نفسها له فاستمتع بها وعاث فسادا بأرضها وراح يفتح الحصون المغلقة ويشوه وجه الحب ويعبث بملامح الجمال دون اسف او ندم وتجرد هذا الذي يدعي المحبة من انسانيته وعلى حين غفلة سلب الفتاة اعز ما تملك وما ان اشبع غريزته حتى تركها في حزن ليس له مثيل تركها في زحمة الافكار وحيدة حائرة بلا جدوى وبلا فائدة. هذه القصة ليست من نسج الخيال، والشاب الذي تسبب بهذه الكارثة ارسل لي بالأمس القريب رسالة عبر البريد الإلكتروني يطلب مني حلا لهذه المشكلة ولست ادري ماذا اقول؟ فيالته لم يطلب رأيي ويا ليتني ما عشت حتى اقرأ كلماته فأتوجع لمستقبل فتاة ضاع في غضون عشر دقائق وضمير شاب غيبته الشهوة، وهذه المشكلة يا من تريد لها حلا ليس لها حل إلا ان تتوب وتستغفر، وتستشعر عظمة الخالق الذي قال في كتابه العزيز (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) ثم تصلح ما افسدت ولا تظن ان الاصلاح يتم بزواجك من الفتاة التي سلبتها شرفها فهذا حل غير شرعي لأنك مع الوقت ستطلقها ومنذ البداية ستكون كارها للحياة معها ولو تزوجتها فلن ترتاح من الاوهام والشكوك وستقول في نفسك ان التي خانت اهلها لن تتردد في خيانتي وانت ان تبت فلا يجوز ان تتزوجها لأنها في نظر الشرع زانية والزانية لا يتزوجها إلا زان او مشرك، فيا اخي لا تقتلها مرتين ولا تظن ان الامر سهل بسيط، وانك تستطيع الهرب من المواجهة، فإن استطعت في الدنيا فإنك في الآخرة لا محالة ستلقى الحساب العسير، فلا تدع الوقت يمضي من غير توبة، فتب الى الله ولا تحزن فإن الله غفور رحيم، يفرح بتوبة العبد ويبدل السيئات حسنات ولكني اسألك ما الذي دفع بك الى الزنا والله شرع الزواج؟ ما الذي جاء بك الى هذا الطريق الوعر وارض الله واسعة؟ ان كنت فعلت ما فعلته من اجل شهوة فهل زالت الشهوة؟ كلا فإنها باقية، فهل تعود وتفعل ما فعلته مع مرور الايام؟ إذن فلا حل إلا بالزواج فإنه يحميك من الضياع وتذكر ان الله أوجد الشهوة في الانسان والحيوان دون استثناء ولكنه وضعها في الحيوان بلا شروط وبلا قيود فهل سمعت عن حمار وحمارة اقيم لهما حفل زفاف؟ اما في الانسان فوضعها بشروط وقيود وانت تسمع كل يوم عن زفاف فلان بفلانة، فاجعلنا نسمع خبر زفافك ونفرح بذلك اشد الفرح واما الفتاة فلا ادري ماذا اقول لها وهي التي ألقت بنفسها في هذه الورطة، فما الذي شجعها على ان تتحدث مع شاب لا يحل لها؟ ما الذي دفعها الى ان تخون اهلها؟ انها ليست معذورة والخطأ بينهما مشترك وكلاهما له من الاثم نصيب، لكن فلسفة المجتمع ان يتوب الرجل فيغفر الناس زلته، اما المرأة فإنها تتحمل خطيئتها ولكن عليها ان تلجأ الى الله وهو وحده من يخفف مصيبتها.
اخيرا وكما يقولون: السعيد من اعتبر بغيره والتعيس من جعل الناس يعتبرون به، وهذا مثال حي لشاب متورط وفتاة تعيش حالة من الخوف والترقب، وكل ذلك بسبب الشهوة لا بسبب الحب، فالحب بريء براءة الذئب من دم يوسف ولكن البعض ينعت الشهوة بكلمة الحب فكأنه الشيطان يروج بضاعته بطريق او بآخر، فلا يغتر الانسان بالكلمات ولا يفرح بأنه اشبع رغبته وليسأل نفسه عن الطريق الذي سلكه حتى وصل الى ما يريد فالجائع يرى الطعام وتشتهيه نفسه فإما ان يسرق وإما ان يشتري، وفي الحالتين سيأكل ولكن الفرق انه في الاولى يأثم وفي الثانية يؤجر.