ناصر الخالدي
سرقوا الارض وما بها من ثروات وخيرات وتظاهروا بأنهم دعاة للخير وللسلام فصدق من صدق وكذب من كذب وعاشت الارض الحرة تحت ايديهم يتنعمون بما تجود به من الخير الذي لا يقدر بثمن فيما يعاني اصحاب الارض من الظلم والقهر والاستبداد ولو رفض احدهم الظلم وانتفض من اجل الارض والوطن والحرية فلن يكون الا مجرما متطرفا لا يحمل بداخله الا الوحشية والعنف!
وهذه شريعة ظالمة لا تعرف الانصاف.. فكان الله في عون الفلسطينيين الذين ضاعت اراضيهم وسالت الدموع من مآقيهم وتحطمت آمانيهم والعالم لا يحرك ساكنا كأنها قضية عادية لا تستحق اي نوع من انواع التدخل.
يعيش الطفل الفلسطيني حياة ملؤها الخوف والتقشف وتطارده الرصاصات الحاقدة وتحيط به المدافع ويدخل المدرسة فيجد الكرسي الذي بجانبه فارغا قد مات بالامس زميله الذي كان يجلس عليه وتسيل دموع الوفاء وينتظر وصول المعلم فلا يصل ويأتي من يبلغ الطلاب بأن المعلم قد استشهد، هكذا يعيش الطفل الفلسطيني في دائرة من القلق لا ينظر الا الى الدماء ولا يسمع الا الموت، تقرأ بعيونه سطورا من التشرد والضياع وتسمع من احاديثه من يدخل السرور الى قلبه، فلا يشك الفلسطيني في عودة الوطن ولا يرى في ذلك مستحيلا وهذا ما يدعوه الى النضال ورمي الحجارة ولكني أستغرب تجاهل العالم لهذه المعاناة التي يعيشها آلاف الاسر في فلسطين. فالمأساة اكبر من ان تحتمل والمعادلة غير متكافئة فمخيمات اللاجئين تجسد الواقع الاليم حيث البطالة والمرض يقابلهما الحنين الى الوطن.
اذا كنا نريد فلسطين فلابد ان يتحد الفلسطينيون اولا ولابد من ان تتجاوز المنظمات الفلسطينية مرحلة الخلاف وتتحد مع بعضها البعض حتى يكون النضال من اجل الوطن ومن اجل انقاذ اخوانهم المتشردين في شتى بقاع الارض مع العلم ان هذه المنظمات تنعم بكثير من الهبات والتبرعات ولو صرفتها كما ينبغي لها ان تصرف لكان الحال غير الحال ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه.
شاهدت على احدى القنوات برنامجا عن امكانية التعايش بين الفلسطينيين واليهود في ارض واحدة واعتبار ذلك محاولة لانهاء الصراع القائم فيما بينهما، وتكلمت عجوز فلسطينية في فقرة من فقرات البرنامج في هذا الامر قائلة «كسروا النوافذ والابواب وقتلوا الاباء والامهات فيتموا الاطفال الصغار وقتلوا الاشجار واغصان الزيتون فكيف نعيش معهم بعد ذلك؟» هذا التعايش الذي يتكلمون عنه اشبه ما يكون بالمستحيل لان العربي لا يرضى بالذل والانكسار ولا يقبل ان يعيش بوطنه مقيدا في ظل وجود الاسلاك والجدران، اذن فلا يمكن ان يتنازل العربي الاصيل عن ارضه، لذلك فلابد ان يؤمن بقضيته ويطهر قلبه من ادران الطمع وحب الذات وعليه ان يفكر باخوانه النازحين خلف اشعة الشمس.