ناصر الخالدي
لا أصدق أنني اعتزلت الرياضة وخصوصا كرة القدم، بعد أن كنت أمارسها بكل نشاط وحيوية، ولا أصدق أن كرة القدم لم تعد تعني لي شيئا بعد أن كنت أبكي لخسارة الفريق الفلاني وأتشوق لرؤية اللاعب الفلاني وكنت لا أخوض في حديث من الاحاديث كما أخوض في أحاديث الرياضة، ولكن الحياة ومشاغلها أبعدتني عن الرياضة ومتعتها، غير ان الإنسان وإن تجاهل الأشياء فلابد من معاودة الحنين والاشتياق ولابد من وقفة أشبه ما تكون بوقفة الشعراء على الأطلال.
كان نادي كاظمة الرياضي هو النادي المفضل عندي وما كان يخوض مباراة إلا وأنا أتابعها بكل دقة، فإذا انتهت بالفوز كان الفرح والسرور حتى ان الفرحة تستمر معي لعدة أيام، فأذهب إلى المدرسة بكل نشاط وحيوية، أما إذا انتهت بالخسارة فالحزن والبكاء وكان عندي سجل خاص يضم أخبار النادي وأسماء اللاعبين وتاريخ المباريات، وهذا الحب الكبير لم يأت من فراغ بل أتى بعد عدة إنجازات وبطولات محلية ودولية وكم كنت أستمتع بمشاهدة تلك المباريات مع ان الكثير منها لم يتم بثه على التلفزيون، وأنا كنت وقتها حديث السن لا استطيع الذهاب إلى النوادي ووالدي أطال الله عمره كان يرفض ذلك وبشدة ودائما يحذرني «يا ويلك إن رحت من غير لا تقولي» وهذا التهديد كثيرا ما كان يرعبني ويشتت أفكاري ويزعزع كل ما بداخلي من عشق للرياضة وحب للمتابعة لأنني أعرف ان العواقب وخيمة وأعرف أن والدي لا يريد إلا ان اتفوق في دراستي وكثيرا ما كنت اتذمر واشتكي.
في تلك الأيام كانت الرياضة في عز وازدهار وكنت أتمنى الالتحاق بأي ناد رياضي أمارس فيه هوايتي التي أحبها حتى الجنون وهذا الامنية لم تتحق والحمد لله أنها لم تتحقق لأنني أنهيت دراستي في الوقت الذي تخلف كثير من زملائي الذين دخلوا الأندية واستمروا بالرياضة لانها أخذت من أوقاتهم الكثير، فكان ذلك على حساب الدراسة، واليوم لا تسمع منهم إلا الندم لاننا نفتقد إلى من يقدر الرياضة ويشجع المواهب، فالأندية لا تعطيهم ما يريدونه ولا تمنحهم إلا القليل وإن تعرض أحدهم للإصابة فلا يجد من يقف معه في رحلة العلاج، لهذا فإن الرياضة عندنا أشبه ما تكون بالمغامرة، إما أن تصل إلى الشهرة وتخطف الأضواء وتحصل على ما تريد وتكون لك حظوة وتقدير، وإما أن تخفق وتفشل فتغلق الأبواب بوجهك وترحل دون فائدة، وجزى الله والدي خير الجزاء، فقد كان له رأي لا يحتمل إلا الصواب وما زلت أذكر عبارته «ما تعرف النوادي وسوالفهم».
وحتى تتطور رياضتنا ونعود إلى ما كنا فيه من حسن الصيت وجميل الذكر وطيب الثناء لابد من التطوير والتشجيع ومن يتجول في الأندية ويراقب الشبان هناك يجد أن لدينا مواهب وطاقات لو وجدت قليلا من الاهتمام والرعاية لحققت لنا كثيرا من الإنجازات، وهؤلاء الشبان بذهابهم إلى الأندية يشغلون أوقات فراغهم، فلماذا لا تراعي بعض الأندية ذلك؟
أخيرا أكتب هذا المقال لأنني أنوي عمل برنامج رياضي حتى تعود لياقتي البدنية وأتمنى أن يسمح الوقت بذلك ومن هنا حتى تعود اللياقة أنصح الجميع من دون استثناء بضرورة ممارسة الرياضة لأنها وقاية للإنسان خصوصا في هذا الزمن الذي كثرت فيه أمراض السمنة والكسل والخمول، والحمد لله لدينا العديد من المراكز الشبابية وأماكن المشاة، وأرجو أن نمارس الرياضة بأدب واحترام لان نفرا من الناس يذهبون إلى أماكن المشاة ليس للمشي والرياضة وإنما للفجور والخلاعة، فما أجمل الاحترام! وما أحلى الإحسان! وأدام الله لكم الصحة والعافية ونلقاكم على خير.