ناصر الخالدي
تعشق سماع الأغاني ومشاهدة أفلام الخلاعة والمياعة بل وتحرص على متابعة كل ما يطرح في سوق الرذيلة ولا تمانع في ذلك، فحياتها جامدة لا تحمل أي معنى أو هدف واستمرت على ما هي عليه، لا يحول بينها وبين ذلك حائل، فتفعل كل ما تريده نفسها ثم تبرر ذلك بقولها: حرية شخصية، فطافت الأربعين وهي لم تتحجب بعد وتجاوزت الأربعين وهي على ما هي عليه من خيبة وحرمان.
ثم ماذا جرى؟ جاءت إليها كبرى بناتها وظلت تنصحها حتى سالت دموع الأم وتحركت مشاعرها وفاضت عواطفها وفي لحظة تغيرت الأم فتركت كل شيء وأقبلت على الله فلبست الحجاب وتركت الغناء واهتدت الى الطريق المستقيم والمسار الصحيح ولم يكن ذلك إلا بفضل الله ثم هذه الابنة المطيعة التي كانت نعم البنت.
هذه القصة ليست من نسج خيالي، ولكنها من واقع الحياة سمعتها بأذني وكتبتها كما هي، لم أغير فيها إلا الجمل والعبارات وقد صغتها بأسلوبي لأني يوم سمعتها سمعتها من صوت ينتحب ويبكي، فقد اتصلت بي امرأة كبيرة في القدر والسن وظلت تبكي فتوقعت أنها تريد أن تشتكي من قصة عقوق أو أن عندها معاناة وشجونا وظلت تبكي حتى نفد صبري، ثم تنفست الصعداء فقالت أنا لا ابكي حزنا بل أبكي من تضحيات ابنتي فلانة، فقد كانت نعم البنت، وحكت لي الحكاية من بدايتها لنهايتها وفلانة التي ذكرنا خبرها متزوجة وعندها أبناء ولك أن تتخيل حجم التضحيات التي قدمتها فكانت نعم البنت ونعم الرفيقة لم تكل ولم تمل ولم تتأفف.
وعندما انتهت المكالمة شعرت بسعادة كبرى فقصص البر فاقت قصص العقوق ولو أسعفتني القريحة لكتبت إلى ما لا نهاية فما أجمل ما سمعت! لو أسعفتني الذاكرة لكتبت المواقف العظيمة لتلك البنت البارة التي ظلت أمها تشيد بها ساعة كاملة ومثل هذه القصص والمواقف تستحق أن نشيد بها ونقصها بكل فخر واعتزاز لأن بعض الناس يتصورون أننا في مجتمع اندثرت فيه المعاني السامية والقيم الجميلة، وأنه لا وجود إلا للعقوق والعصيان وأن كثيرا من الناس يتخلون عن أبويهم في الكبر ويتجاهلونهم ويرحلون بعيدا عنهم، وهذا إن كان صحيحا فإنه لا يمثل إلا نسبة صغيرة وهي مجرد حالات فردية.
جولة
على الرغم من قلة الإمكانيات فإن جهودهم واضحة لا تنكر، الإخوة في مباحث الفحيحيل نشيد بما يقومون به اشادة يستحقونها ونأمل أن تخف الجرائم التي نسمع عنها ونقرأها كل يوم لانها بدأت تكثر بشكل غير معقول إذ لابد من توفير كل احتياجات رجال الداخلية وعمل خطة أمنية وتصور دقيق لمكافحة الجريمة.