ناصر الخالدي
كثيرة هي الأخطاء التي نرتكبها بقصد، ودون قصد، بعض هذه الأخطاء لا تسبب لنا أي ضرر، وأما البعض الآخر فقد ندفع حياتنا ثمنا له وما أوسع الفارق بين الخطأ الذي نرتكبه بغير قصد والخطأ الذي نرتكبه بإرادتنا وقناعتنا.
طيلة الأيام الماضية كنت أتابع ما يكتب في الصحف اليومية وما يقال في القنوات التلفزيونية من جدل واسع حول مسلسل «للخطايا ثمن» الذي كان من المفترض ان يعرض في شهر رمضان الكريم، ولا شك في أن هذا الجدل وهذه المعارضة الشديدة لم تأت من فراغ بل كانت نتيجة وجود مشاهد وحورات تزرع الفتنة وتسبب العدواة والبغضاء بين الناس، وغير ذلك انها تزيد عمق الجراح التي نأمل أن تلتئم.. ثم ما الفائدة من مثل هذه المسلسل؟ ان كانت الفائدة المرجوة تسليط الضوء على مشكلة ما يعيشها مجموعة من الناس وايجاد حل لها، فالمشاكل كثيرة والحلول لها طرق مختلفة، وأمن واستقرار المجتمع فوق كل اعتبار .
الحقيقة لم يكن الهدف تجسيد الواقع ولم يكن الهدف تسليط الضوء إنما كان الهدف هو «خيال الشهرة يعانق خيال الدنانير»، وفي الاثنين إغراء لا نظير له وهذا هو الدافع الذي قد يجعل انسانا يغامر بعلاقاته الاجتماعية ومكانته بين الناس بل وبكل ما يملك من أجل إيصال رسالة يحقق من خلالها اموالا طائلة والحق أن المادة ليست كل شيء في الدنيا لان قلوب الناس ومشاعرهم واستقرار المجتمع وراحة البال كل هذه الأشياء لا تباع ولا تشترى، وانظر الى المجتمع بجميع شرائحة كيف يتعامل مع من يسبب التفرقة بين الناس؟
اذهلني في هذا الموضوع التنافس الإعلامي في عرض مثل هذه الأعمال التي في كثير من الأحيان تكون على حساب العادات والتقاليد، وكأن هذه القنوات لا يوجد عندها هم إلا ضياع الناس وانحرافهم، وإلا فما اكثر البرامج الهادفة التي لا تجد الا الرفض وما أكثر النصوص الجيدة الا أنها منذ سنوات حبيسة الأدراج ملت العتمة وطول الانتظار للأسف فإن كثيرا من القنوات تبحث عن كل ما هو غريب ومثير رغبة في الكسب المادي، وهذا الطمع هو سبب انحراف وضياع الكثير من الشباب والفتيات الذين أفسدت المسلسلات أخلاقهم ودمرت عقائدهم وهاجت وماجت نفوسهم في بحر الشهوات، منهم من نجا ومنهم من أغرقته الأمواج العاتية، فأما الذين نجوا فمن واجبنا احتضانهم واحتواؤهم حتى يذوقوا حلاوة الإيمان واما الذين أغرقتهم الأمواج فواأسفاه على أعمارهم التي ضاعت هباء منثورا.
أخيرا لا شك في أن للخطايا ثمنا ولا شك في أننا ودون استثناء معرضون للخطأ الا أن هذا لا يمنع من الاعتراف بالذنب والتوبة وهذه هي قمة الشجاعة، اما الاستمرار في الخطأ والإصرار على الذنب فهما كارثة كبيرة ومصيبة عظيمة ونصيحة أوجهها لنفسي أولا ثم الى من يقبل النصح «انظر إلى واقعك قبل ان تنظر الى واقع غيرك وحاول ان تجد حلا لأخطائك قبل ان تجد حلا لأخطاء غيرك وتذكر بأن للخطايا ثمنا».