ناصر الخالدي
مقابل بيتنا «حلاق» كنت فيما مضى أجد ذهابي إليه شيئا من سابع المستحيلات، ثم مضت الأيام فوجدت نفسي جالسا على كرسيه ووجدته يمسك «المشط والمقص»، ومنذ ذلك اليوم صارت بيننا علاقة قوية فلا أذهب لغيره ولو كان ما كان، وأنا الذي كنت أقول عنه وأقول، تغير كل شيء في لحظة واحدة وعرفت أن الشيء بالمضمون لا بالشكل، وصرت أحب التحدث إليه، خصوصـا انه لا يتحدث إلا بعد أن تتحدث إليه، وهو مع ذلك قليل الكلام، يؤدي عمله على أكمل وجه، يعرف كل ما يدور في البلد من مشاكل وهموم وشائعات، وفي بعض الأحيان اجد عنده أخبارا جديدة.
على الرغم من أنه غير متعلم وعلى الرغم من أنه شبه معزول عن العالم إلا انه يفيض بالمعلومات وبالحكم كلما تحدثت إليه بأمر وجدته على علم بما تحدثه، إن تكلمت عن الحياة فهو له فيها تجارب عديدة، إذ انه صار على مشارف الخمسين، وإن تكلمت معه عن الحياة الزوجية والأبناء سيحدثك باختصار شديد عن زواجه وسيسألك هل أنت متزوج؟ إن كانت الإجابة نعم فسيبارك لك وأما إن كانت الإجابة لا فسيشجعك على الزواج بعد ان يوصيك بحسن الاختيار وسيقول لك حكمة رائعة «المرأة حياة إن كانت جيدة فستسعد في حياتك وإن كانت سيئة فستشقى في حياتك».
كالعادة ذهبت إليه في نهاية الأسبوع وبعد أن جلست على كرسيه نظرت إلى وجهه فوجدته ضيق الصدر مضطرب البال، سألته عن السبب فأجاب بأن البعض يحتقره لجنسيته أو لشكله، وأخذ يتكلم عن الأشكال التي قابلها في حياته فكنت اسمع أشياء لولا ثقتي به ما كنت اصدقها.
مصيبتنا أننا نحتقر الناس ونقلل من شأنهم من غير سبب، هكذا ربما لأن اشكالهم لا تعجبنا، أو لأننا لا نرتاح لهم أو لأسباب أخرى أكثر تفاهة، ونعتقد دائمـا بأننا الأفضل والأحسن وهذا هو ما أوهمنا أنفسنا به، فياليتنا نعيش الواقع بعيدا عن الأوهام وياليتنا نحترم الناس لا لمناصبهم أو لأحسابهم وأنسابهم وإنما نحترمهم لإنسانيتهم ولارتباطهم بالإسلام، ومتى ما تتحق ذلك سنعيش في راحة واستقرار، أما إذا استمر الوضع على ما هو عليه فلا شك في أننا سنبقى في ظلمات التخلف، فيا رب اجعل شمس الرقي تشرق علينا.
جولة
«لا أدري متى يتم القضاء على تجار الإقامات اللي الواحد منهم ما عنده هم إلا الدينار، البلد صار مليان أشكال وألوان ومحد مستفيد غير ضعاف النفوس، صچ عيش كثير تشوف كثير كثير».
بصراحة
«أموت واعرف إدارة الضيافة والمؤتمرات شلون ساكتين عن الأموال اللي تهدر بكل سهولة، سيارات آخر موديل يستخدمها موظفون من الجاليات الآسيوية وبعضهم يؤجرها من تحت لتحت، أفا ياجماعة چذي يصير فينا».