ناصر الخالدي
في غياهب السجون وفي داخل الغرف المظلمة وفي أماكن مختلفة، يوجد أناس يريدون فرصة تعيدهم الى الحياة وتخلصهم من شؤم المعصية وذل الذنوب، ولو طلبت منهم ان يضحوا بأعمارهم وكل ما يملكون في سبيل ان يعيشوا لحظة واحدة بعيدا عن الهم لما تأخر الواحد منهم بالتضحية، الا ان هناك أناسا يبحثون عن لحظة يضيعون من خلالها فقط لإشباع رغبتهم حتى ولو أعقبت اللذة تعاسة وندم.
مهما وصلت درجة الضياع عند الإنسان لابدّ من تأنيب الضمير في بعض الأحيان، ومهما فعل من أخطاء وتجاوزات فلا شك أن في داخله حسرة وألما، انه يتمنى ان يعيش كغيره من الناس، ولكنه في بعض الأوقات يعترف فيقول أحاول واتمنى ولكني لم استطع بعد وان ساعة الهداية لم تأت بعد، يفعل ويجاهر وتسوّل له نفسه أمورا كثيرة ويغيره الشيطان فلا يجد إلا الركض وراءه ليشبع غرائزه ويدخل في متاهات لا يجد منها مفرا، كلما أراد ان يخرج من هم أعيد إلى هم آخر وهكذا حتى يصدق في توبة تخلصه من درن المعاصي.
نحتاج إلى توبة صادقة نعيش من خلالها في سعادة وسرور ولا أجد وقتا أفضل من شهر رمضان، حيث الأجواء الإيمانية والأحاديث الروحانية وهذه قوافل العائدين تلتحق بها في كل يوم جموع من المذنبين، منهم من كان يدمن الخمر ومنهم من كان ينشر الفساد ويدعو إلى الزنا ومنهم من كان يفرط في الصلاة وكلهم جاءوا إلى الله تائبين خاشعين يريدون ان يتوبوا توبة صادقة.
في الوقت الذي سالت فيه دموع هؤلاء التائبين خوفا من العذاب وطمعا في المغفرة طاشت عقول بعض الشبان والفتيات حيث التسكع في نهار رمضان والمجاهرة بالإفطار ويشهد على ذلك شارع الخليج العربي الذي يشهد في كل نهار مطاردة بين شاب متسكع وفتاة غافلة، وهذه المطاردة قد تنتهي بما لا تحمد عقباه خصوصـا في ظل غياب القانون الذي من المفترض أن يجرّم مثل هذه الأفعال ولا يتساهل معها وقد جرت مطاردة حامية بين مجموعة من الشبان ومجموعة من الفتيات، فبعد أن خرج الشبان من الجامعة وهم بسيارة واحدة وقفت إلى جانبهم عند الإشارة المرورية سيارة أخرى فيها مجموعة من الفتيات، هنا عزم الشبان على ملاحقة هؤلاء الفتيات من اجل الإطاحة بهن بأي طريقة وبدأت الأغاني صاخبة والحركات لافتة للنظر ولكنها اللذة التي يعقبها الندم استمرت المطاردة وطال وقتها وزاد الشبان في سرعتهم حتى اصدمت سيارتهم بالحاجز الأسمنتي فماتوا جميعا عدا واحد منهم عاش ليصور المأساة فيقول «والله كنا في غفلة جاهرنا بالإفطار واستهزأنا بحدود الله فكان الذي كان» وأما الشبان الذين ماتوا على المعصية فقد ماتوا وهم في حالة من الصخب والمجون ماذا لو عادوا إلى الحياة؟
أخي الكريم (أختي الكريمة) سيئاتك بدلها حسنات، هذا هو شعار «ركاز» لتعزيز الأخلاق، وهذا هو شعار كل مسلم وكل مسلمة في شهر رمضان، لا تتردد في التوبة ونشكر القائمين على مشروع ركاز بعد أن رأينا منهم تألقا وجهدا يستحقون الشكر عليه، لأنهم يدعون الله ويأخذون بأيدي الكثير من الذين مازالت فطرتهم سليمة، وأخص بالشكر المشرف العام على الحملة الشيخ د.محمد العوضي الذي يتميز بأسلوب دعوي سهل ممتنع وكذلك الشكر موصول إلى الأخ على العجمي الذي يواصل الليل بالنهار من أجل إنجاح هذه الحملة التي نبارك جهود من تبناها ووقف إلى جانبها ورعاها.. وحتى نلتقي «بدّلوها».