ناصر الخالدي
اكثر من مائة رسالة بعثتها للتهنئة بعيد الفطر في حين استقبل هاتفي النقال اضعافها، بالاضافة الى اكثر من مائة اتصال وصلني ويا حلو فرحة العيد التي تجسدها الاتصالات والرسائل بصورة مصغرة والصورة الكبيرة هي الزيارات التي تكون فيما بين الاهل والأصدقاء في ايام العيد وبلباس جديد اجمل ما فيه انه لباس الآباء والاجداد (الدشداشة والغترة والعقال) وفي اجواء من الحب الصادق نتبادل التهاني والتبريكات وننتقل من ديوانية الى ديوانية ومن منزل الى منزل ومن شخص الى آخر ونصادف في هذه الجولات اطفالا ينتظرون الواحد منا بفارغ الصبر ليس حبا بقدومنا ولكن حبا بـ «العيدية» وما ان يرى الواحد منهم احدنا حتى تجده يقفز امامه «عيدك مبارك» وان عايدته بالدينار كنت المعايد الذي لا ينسى.
في اول وثاني وثالث ايام العيد كنت انظر الى الاطفال فاعود الى الماضي اقلب دفتر الذكريات ثم اتوقف عند صفحة من صفحات عمري يوم كان العيد يعني بالنسبة لي شيئا اكبر مما يتصور احد فلا انام حتى الفجر واذا جاء الفجر لا انام حتى ينصرف الناس ويغلبني التعب، وانا على ذلك في سعادة وسرور، اعد الدنانير تارة يزيد العدد وتارة اجدها في نقص ولكن الفرحة لا تحتمل، في تلك الايام كنت اخذ «العيادي» من جدتي بعد السلام الحار والمصافحة الحانية وبعد قبلة الراس ودهن العود ورائحة البخور ابتسامة وعيدية ثم الذهاب الى جدي ليرتفع الرصيد، ومرت الايام فما عاد العيد الا كما قال المتنبي:
عيد باي حال عدت يا عيد
بما مضى ام لامر فيه تجديد
ومازالت الذكريات تطرق ابواب كل واحد منا فيفتح ثم لا يجد الا خيال الشوق يصافحنا ثم يعلن الرحيل فياليت الزمان يرجع وياليت ايام الطفولة تعود وان لم يكن الى ذلك سبيل فياليتنا ننسى ونعيش الواقع كما هو، فهذا العيد عند البعض لم يعد الا ارتباطا ومسؤولية لذلك البعض يقضيه في الخارج والبعض الآخر في الشاليهات وهكذا تندثر عاداتنا وتقاليدنا ليس هذا فحسب بل ادهشني ما سمعته من البعض عن ان «العيدية» اصبحت تخلفا ورجعية ويا حلوها من رجعية.
من الأمور التي جرت في العيد وستجري في الاعياد القادمة وفي كل عيد تزاحم الناس على الاسواق والمجمعات والحدائق والمنتزهات في الصباح والمساء وانشغالهم باشياء لا تسمن ولا تغني من جوع، البعض وليس الكل واكثر ما يحزن في هذا وجود بعض المراهقين والمراهقات بلا حسيب ولا رقيب بحجة الثقة والحرية وفرحة العيد وكم من جريمة حصلت؟ ومشكلة جرت؟ ويا فرحة ما تمت.