ناصر الخالدي
كلام عيال لكنهم عيال حلوين، بملابسهم المدرسية، بأحاديثهم وكلماتهم العفوية، بنظراتهم وعلامات الاستفهام المتكررة، حلوين حتى بمقاطعتهم لبعضهم البعض، وهم يتحدثون تسمع اصواتهم فتشعر بالحنين الى ايام الطفولة وذكريات المدرسة.
كنت في مكتب الأخ العزيز مدير ادارة رعاية المسنين علي حسن وبينما نحن نتحدث عن فلان وفلان «يالله صباح خير» طرقت الباب السكرتيرة لتخبرنا بان هناك مجموعة من طلاب المرحلة الابتدائية يريدون الدخول لزيارة المدير ولم يكن الطلب غريبا على رجل نشط يهتم بالعمل الانساني ويرغب دائما بتوعية المجتمع ولهذا رحب بزيارة هؤلاء الأطفال الحلوين.
دخلوا الى المكتب وعددهم خمسة يلبسون لبس الكشافة المدرسية، من ملامحهم تعرف حجم النشاط والحيوية الموجودين بداخلهم.. ارادنا ان نكسر حاجز الصمت بل ان نكسر كل الحواجز النفسية فرحبنا بهم وتعرفنا على اسمائهم وكلهم ولله الحمد من اسر كريمة، وبدأ الحوار فيما بيننا بشكل لا توصف روعته.
سأل مدير الادارة احدهم: شتسوي لو زوجتك طلبت منك تودي امك او ابوك دار المسنين.
الطالب: والله أقتلها واذا ما قتلتها اطلقها شبي فيها اذا تقول جذي.
ينفعل احل الطلاب ويقول «والله اطعنها» ومن الزاوية ينبعث صوت متهور «والله ما أودي أمي وابوي حق دار العجزة».
ونحن في قمة الضحك لما نسمعه من انفعال وتفاعل طفولي فكاهي مرح وأكثر ما اضحكني ذلك الطالب الذي قال بصوته الطفولي البريء «والله أطعنها» وكأنها هوشة شبابية وليس مشكلة اجتماعية. وفي موجة من الضحك الجماعي دخلت علينا مجموعة اخرى من نفس المدرسة وهنا اكتمل النصاب لتزداد الاحاديث عذوبة وطلاوة وجمالا،
وننتقل من موجة الضحك والمرح الى حالة من الهدوء والتركيز بعد ان سألنا الطلاب عن توقعاتهم بالاسباب التي دعت هؤلاء المسنين لدخول الدار، وكانت اجابة الاطفال بالاجماع «أكيد عيالهم جابوهم» مع انه لا يوجد اي نزيل من النزلاء الموجودين في الدار جاء بسبب ابنائه وقد ذكرنا غير مرة ان هؤلاء النزلاء لهم ظروف اجبرتهم على دخول الدار الا ان اغلب هؤلاء الطلاب متأثرون بشكل او بآخر بما يشاهدونه بالتلفاز من مسلسلات لمن لا هم لها الا التكسب المادي حتى ولو كان ذلك على حساب المجتمع وتماسكه وترابطه وقد سمعنا عن بعض هذه المسلسلات وما بها من وهم وخداع فيما يخص قصة العقوق المخترعة من أذهان الكتاب.
عيال مدرسة حمد الخالد الابتدائية بنين الكائنة بمنطقة جابر العلي جيل جديد يبشر بالخير لأنني سألتهم عن طموحاتهم في الحياة فمنهم من اراد الطب ومنهم من اراد الهندسة ومنهم من اراد السلك العسكري، وهذه الهمم العالية لم تأت من فراغ بل جاءت بجهود متواصلة من مديرة المدرسة خديجة العوضي ومساعدتها هيا العتيبي والمساعدة عواطف القلاف، هذا الثلاثي التربوي الرائع استطاع ان يزرع بداخل هؤلاء الطلبة الذين تشرفنا بالحديث معهم روح المثابرة وحب المبادرة.
مازلت اتذكر اشكالهم جيدا وهم يحملون الورود والهدايا، مازلت اتذكر أحدهم عندما اهداني وردة حمراء تفوح عبيرا واريجا، وردة تعبر عن سلام ارواح هؤلاء الطلبة وتدل على صفاء انفسهم الطيبة، والأهم من هذا أنها تعكس البيئة الاسرية التي جاءوا منها.
اخيرا كل الشكر والتقدير الى المعلمة فاطمة جاسم الدوسري والمعلمة منى عادل عبدالرسول والمعلمة مريم صبح لجهودهم الرائعة مع عيال الخالد الحلوين ولنا رجاء من مديرة المدرسة ان ترسل لنا العيال الحلوين بين الفينة والأخرى.