ناصر الخالدي
لا تصدق كل ما تسمعه ولا تكترث لكل شخص حتى اذا ألح عليك، لأن الحقيقة موجعة فماذا تريد بالوجع؟ سيخبرك عن الاقتصاد وسوق الأوراق وخسائر الفقراء المساكين وعن اللون الأحمر وشؤمه والأخضر وحلاوته ويصرخ بوجهك ان قاطعته ويسترسل بالكلام ويدخل في السياسة ويحدثك حتى يصفر وجهك وتشعر بأنك أقرب ما تكون الى حبل المشنقة، ثم يخفف من روعك ويحدثك عن الديموقراطية وتجربتنا الفريدة من نوعها وعن الحرية التي نتمتع بها في شتى المجالات وان الاختلاف في وجهات النظر لا يفسد للود قضية فترتاح وتهدأ وتسمع من جديد.
ستسمع من يحدثك عن غلاء الأسعار وارتفاع الأراضي وتهور العقار وتجد من «يتحلطم» من تأخر التثمين وآخر يشتكي من تدهور الخدمات في المنطقة وتسمع أصواتا ساخطة تتكلم وتعبر وتقول ثم تحلم وتتخيل وتبدأ بوضع التصورات الخيالية من اجل ان يخففوا الصدمة على أنفسهم وسيقولون لك ان الأمور في تحسن مستمر واننا سنحصل على هبات لا تعد وأموال لا تحصى وان منازلنا ستعرض للتثمين لوجود النفط الجيد، خصوصا اننا دفنا كل ما تبقى من أحلامنا في التراب وسعر التثمين أعلى من اسعار الأحلام التي دفناها.
لا تصدق من يقول لك اننا نعيش عصر فساد وتخبط وان وزارات الدولة مترعة بالتجاوزات والتعديات وان بعض الموظفين مثل الثعالب اذا غاب المدير لعبوا لعب القطط «اهمال وتكاسل وتأخير عن ساعات العمل»، ولا تصدق من يقول لك ان المراجع سئم من طول الانتظار وعدم الاهتمام، هذا مجرد كلام والتجربة خير برهان وان اردت فجرب بنفسك حتى تصدق انه مجرد كلام اختر من الوزارات ما شئت واذهب بنفسك وستعرف كل شيء.
ستسمع من يحدثك عن الحرب واندلاعها واننا أقرب ما نكون الى الخطر وسيصور لك الوضع فتشعر بالرعب والهلع وتتمنى لو انك تستطيع البكاء فتبكي على حظك العاثر وكل ما سمعته مجرد كلام لا يسمن ولا يغني من جوع، خصوصا اذا كان الذي يحدثك جاهلا لا يدري شيئا عن الحرب.
لا تصدق كل ما تسمعه لأن البعض لا عمل لهم الا التكلم في كل شيء، ان اردت السياسة ستجدهم وزراء وان اردت التجارة وجدتهم تجارا في كل شيء يتحدثون معك ويزيدون بالأخبار والمعلومات ثم تكتشف انها مجرد أوهام، البعض يعتقد انه يعرف خبايا البلد وهو لا يدري أصغر التفاصيل في بيته وبعضهم يوهمك بأنه مطلع وهو لا يدري عن شيء فلا تصدق كل ما تسمعه.
يا رب
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وارحمنا برحمتك واشملنا بعطفك وجودك يا ربنا.