ناصر الخالدي
لا أظن أن هناك مصيبة أعظم عند الرجل من الزواج بامرأة ثرثارة تحب الكلام «بالفاضي والمليان» وبما تعرفه وما لا تعرفه وفي الأوقات كلها والظروف أجمعها، ولك أن تتخيل رجلا متعبا، وامرأة تخوض في أحاديث تافهة لا فائدة من ذكرها وتستطرد في حديثها فتذكر كل ما يوجع القلب بلا مبالاة وبلا اهتمام، والمصيبة أنه لا أمل في أن تتوقف عن الكلام ما دامت ذات «لسان طويل» هذا ما يقوله أغلب الرجال الذين يعانون من ثرثرة زوجاتهم، فتجدهم يحذرون من الزوجة الثرثارة وكأنها وباء خطير ويصفون الزواج منها بأنه أشبه ما يكون بالذهاب إلى الجحيم، أعاذني الله وإياكم من الجحيم.
ومثل هؤلاء الأزواج هم بأمس الحاجة الى أن يعلموا أن المرأة تحتاج إلى آذان مصغية تسمع بوحها، فهي رقيقة سريعة التأثر ترى بعين مختلفة عن عين الرجل وتحس بإحساس يختلف بكل ما تحمله الكلمة من معنى عن احساس الرجل، فإذا تكلمت وباحت بما لديها اعتبرها الزوج امرأة ثرثارة كثيرة الحديث وكأنه يريدها ان تتحدث متى أراد لها ان تتحدث على ان تلتزم الصمت بقية الوقت وكأنها طالبة في الابتدائية ويولد بداخلها الإحساس بالنقص ويصيبها هبوط حاد في العاطفة ومشتقاتها ثم تكتئب وتنطوي وتكره «الزواج وساعته» وتتحسر على سوء اختيارها وربما لجأت الى الخيانة والعياذ بالله انتقاما من هذا الزوج الذي لم يراع مشاعرها وعاملها بالجحود والنكران ثم تجد في الحرام ما لم تجده في الحلال خصوصا ان كانت بلا دين فتذهب إلى غير رجعة وتضيع بمباركة الزوج «الأصمخ» الذي لم يتنازل لسماع بعض ما يجول بخاطر زوجته.
يقول عضو جمعية الإنصات الدولية محمد النغيمش في كتابه «انصت يحبك الناس» أن المرأة تحب الفضفضة والرجل يفضل الكتمان، ويروي أن عربيا عقد قرانه على زوجته الثانية وكانت من الصم والبكم لانه ضاق ذرعا من زوجته الأولى التي انهكه صراخها طوال فترة زواجهما الممتدة الى 15 عاما، أظن ان الكثير من الرجال يعظمون صنيع هذا الزوج وينظرون إليه نظرة اعجاب، ولكني في الوقت نفسه أظن أن ضغوطات الحياة اليومية والمشاكل المستمرة والروتين الممل يجبر الواحد منا على ان يفضفض إلى أقرب الناس لقلبه ولذلك تلجأ المرأة إلى زوجها.
لذا فيا أيها الزوج المحترم إن كنت تبحث عن السعادة وتريد أن تعيش بعيدا عن الخلافات والمشاكل فعليك أن تنصت جيدا لما تقوله زوجتك واحرص على ألا تقاطعها وأشعرها بانك مهتم بحديثها واحترمها بما تقول حتى تكسب ودها وتعيش في سعادة وسرور ومازلت أذكرك فأقول لا تقاطعها حتى تنتهي من فضفضتها واسمع لكل ما تقوله والله يكون في عونك.
أخيرا تقول مديرة مركز الاستماع هدى العجيل «ان النساء في مجتمعاتنا يعانين من ضغوط نفسية متزايدة بسبب تجاهل البعض الإنصات إليهن»، وتضيف قائلة إن 90% من عدد المتصلين بمركز الاستماع هم من النساء وأما الرجال «فالله يخلي الدواوين».
وقفة
يقول الأديب اللبناني جبران خليل جبران في مقالة مؤثرة عنوانها مات أهلي «أتمنى لو كنت سنبلة من القمح نابتة في تربة لبنان يقتات بها طفل جائع أو ثمرة يانعة في بساتين لبنان تجنيها امرأة جائعة أو طائرا في فضاء لبنان يصطاده صياد جائع».