ناصر الخالدي
لا شيء يعدل الصحة، ولكن هذه المقولة لا يعرفها إلا البعض وأما البعض الآخر فيعرفها عند المرض ويتحسر على أيام الصحة والعافية ويعض أصابع الندم على ضياعها وجولة واحدة في أي مستشفى من المستشفيات كفيلة بأن تعلمنا قيمة النعم التي يغمرنا بها المولى تعالى.
سمعت عن مرض الصرع وأعراضه ورغم كل ما سمعته عن هذا المرض إلا أن خلفيتي كانت بسيطة ومعلوماتي محدودة حتى شاء الله تعالى أن ألتقي أحد المصابين بهذا المرض الذي ربما لا يعرف حقيقته الكثيرون ولهذا يظنه البعض وباء وخطرا يهدد حياة المريض.
أما الذي سأحكي لكم خبره عبر هذه السطور فهو شاب أخلاقه عالية وطموحاته كبيرة ومواهبه متعددة وقصته عجيبة غريبة كنت أسمعها وأنصت لكل ما يقوله وملامحي تدل على التعجب والذهول وفي داخلي طوفان من الأسئلة وإضافة الى ما ذكرت فإن هذا الشاب يتمتع بشخصية حيوية ويتميز بعزيمة قوية لا نظير لها وعنده نظرة تفاؤلية قلما نجدها عند أهل الابتلاءات والمحن.
بدأت قصته مع الصرع في الرابعة عشرة من عمره فأقض ذلك مضجعه وأثر في أسرته وقلب الموازين رأسا على عقب وزار العيادات الخاصة ووقف في طابور المستشفيات العامة فلم يترك عيادة إلا وذهب إليها ولا مستشفى إلا وطرق بابه بحثا عن العلاج المناسب الذي يخلصه مما يجده من هذا الصرع وأثرت عليه الأدوية التي كان يستخدمها خصوصـا أنها تحتوي على مادة الكورتيزون فزاد وزنه ليدخل في قائمة الأوزان الثقيلة، وأصيب بالضغط فتضاعف حجم المشكلة واستمرت رحلة العلاج على أمل أن يجد بعد الله تعالى من يعيد له صحته وعافيته وطاف من خلال رحلته بالعديد من الدول الخليجية والعربية وانتقل بعد ذلك إلى الدول الأوربية ولا فائدة من كل هذه السفرات.
حدثني عن الصرع فعلمت أن المرض ليس خطيرا كما يعتقد البعض ويظن أن الذي يصاب بالصرع يصبح مجنونا ومعقدا ولا ينفع معه طب، ومريض الصرع قد تأتيه نوبة «تشنج» تختلف مدتها من شخص إلى آخر وليس لها وقت معين إلا أنها غالبا ما تكون نتيجة الضيق والتعب النفسي، وذكر لي بعض النوبات التي أصابته فلم أتمالك نفسي ودمعت عيناي عندما أخبرني بأن واحدة من النوبات جاءته وهو في دورة المياه فلم يستطع أحد إنقاذه وفاق من النوبة ودماؤه تسيل.
لهذا فهو يحتاج إلى من يلازمه ويتابعه باستمرار ويتفهم وضعه ويكون على علم بحالته ولهذا فقد اقترحت عليه أن يتزوج ولكن هذا الاقتراح لم يكن غريبا عليه، فقد طرق أبوابا عديدة وتقدم لفتيات كثيرات كلهن بلا استثناء رفضن الزواج منه ليس لوجود عيب فيه ولكن لأنه مصاب بمرض الصرع.
هذا الرفض جاء نتيجة قلة الوعي الموجود عند الكثير منا، فنحن للأسف الشديد لدينا نقص حاد في الثقافة ولا نهتم إلا بتوافه الأمور إلا من رحم الله منا والحمد لله على الصحة والعافية.
إرادة وتحد
شكرا لأعضاء فريق الإرادة والتحدي الذين أكرموني بأن وجهوا لي دعوة لحضور أمسية شعرية أقامها الفريق تضامنا مع ذوي الاحتياجات الخاصة، والذي يثلج الصدر أن كل تكاليف هذه الأمسية لم تكن برعاية أحد إنما هي بدعم من أعضاء الفريق.