ناصر الخالدي
العاشرة صباحا كنت على موعد مع رجل الأعمال الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين، واتفقنا على أن تكون مكتبة البابطين المركزية هي المكان الذي نلتقي فيه، ولأنني أحرص على الذهاب مبكرا وأخاف من زحمة الطريق واختناق الشوارع ذهبت قبل الموعد بأكثر من ساعة أمضيت نصفها متجولا في شارع الخليج العربي ونصفها الآخر في المكتبة التي تختزل بداخلها كل الفنون الشعرية وكل المجلدات الأدبية وما يخطر على بالك شاعر إلا وتجد له ديوانا في هذه المكتبة التي أحيت في نفوس الأدباء كل الأمجاد التي اغتالتها آلام الحياة وأعادت لهم الأمل وأثبتت لهم أنه ورغم حداثة الزمن فلا يزال هناك سفير للشعر وعنوان للكلمة وفارس للغة ومكان للأدب وبيت للشعراء ومتذوق للقصائد وأنه ما ضاق بهم ذرعا إلا اتسع بهم الشاعر عبدالعزيز الباطين كيلو مترات.
وقبل أن يدخل الوقت بعشر دقائق توجهت إلى الدور الثالث وطلبت من مدير مكتبه أن يخبره بأني في الخارج فأذن لي بالدخول فوضعت أول خطواتي في مكتبه لتسمع أذني كل كلمات الترحيب وترى عيني كل ملامح الحفاوة وتحس جوارحي أعذب الأحاسيس وتبادلنا التحية وجلست مع الأديب الذي طالما أعجبتني مشاريعه التي يقيمها دفاعا عن اللغة وعن والشعر ولأن مكتبه يطل على البحر فكان من الضروري أن أسأله عن البحر، وهل كتب عنه كما كتب عن الصحراء؟ فتبسم ثم أخبرني بأنه يخشى البحر أكثر من أي شيء آخر وأنه يخاف البحر ويحذره وأن الصحراء حياة ثانية وجو آخر.
وفي الوقت الذي كنا نتحدث فيه عن الاتساع الهائل الذي حققته مؤسسة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعري ونستذكر الإنجازات التي حققتها المؤسسة فاجأني بوسعود بأن الكثير من الجامعات الأوربية تتفاعل مع المؤسسة وتقيم دورات من أجل تعليم اللغة العربية وأن الكثير من الجامعات اعتمدت اللغة العربية كلغة تدرس في الجامعة وفاجأني بالجهود التي يبذلها حتى لم أعد أدري ماذا أقول؟ ولا أدري كيف أرتب أفكاري فهو بحر وإن كان يخشى البحر فمن أي الاتجاهات أتيته وجدته حاضرا متمكنا واثقا مما يقول وفي عينيه بريق النجاح وفي صوته صدى التميز وهو وإن كان واحدا في شخصه واسمه إلا أنه أمة في واقعه وفي عمله وفي كل مجالات حياته لا تجد يوما من أيام حياته إلا وتجد هناك إنجازا، ولهذا فسيرته الذاتية أطول وأعمق من أي كتاب تقرأه فكيف إذا أردت أن تقرأه هو شخصيا.
اليوم وبعد سنوات من الكفاح والنضال لا يوجد رئيس دولة ولا مدير جامعة ولا شاعر ولا رجل أعمال إلا ويعرف عبدالعزيز سعود الباطين بكرم أخلاقه وسخائه اللامحدود بحفاوته الدائمة ودفاعه عن لغة القرآن ولغة أهل الجنة وبذوده عن التراث العربي الأصيل وبحبه الصادق للشعر وللشعراء ولكل من يجد في داخله موهبة من مواهب الأدب، ومن المشرق إلى المغرب تجد لهذا الشخص عشاقا لا يريدون سوى الجلوس معه والتحدث إليه وأظن أن هذا يعادل كل ما يمتلكه ويساوي عنده كل ممتلكاته وهي نعمة ومنحة له من الله عز وجل.
ولكل التجار ورجال الأعمال الذين يملكون الأموال الطائلة نقول ساهموا في بناء الحضارة ولتكن لكم أياديكم بيضاء حتى يذكركم التاريخ وتحترمكم الأجيال، ونشكر بوسعود على استضافته الكريمة ونهنئه على اختياره ضمن أفضل ثلاث شخصيات في العالم.