ناصر الخالدي
تساقطت الدموع من عينه وتوقف عن الحديث وتغيرت ملامحه وبدا واضحا عليه التأثر، فقلت في نفسي لعله تذكر قصة محزنة أو موقفا عاد لينفض غبار الذاكرة ويقلب المواجع، فقررت أن ألتزم الصمت حتى يبدأ هو بالحديث وساد الصمت غير بكائه الذي أوجع قلبي وأثر في نفسي ولم أكن أعلم له سببا.
فجأة رفع السماعة وطلب من سكرتيره عدم السماح لأحد بالدخول ثم غالب البكاء والدموع، وبدأ حديثه معي ومازالت دموعه تسيل، يغلبها تارة وتغلبه أخرى، وعرفت فيما بعد أن سبب ذلك البكاء هو ما دار بيننا من حديث عن حب الصحابة وفضائلهم، وتقوى الله وتأثيره على حياة البشر.
هذا الحديث أبكى هذا الرجل، مع أنه مشغول في التجارة وعنده التزامات وأعمال كثيرة ومع ذلك لم ينشغل عن العبادة ولم يتأخر في الذود عن الصحابة، وليت التجار اليوم يستشعرون الخوف من الله لينفقوا على الفقراء والمساكين ويراعوا أحوال الناس ويفكوا قيدهم من هذا الغلاء الموجع الذي أثقل كاهل الكثير من الأسر حتى صار الذهاب إلى الجمعية أشبه ما يكون بالذهاب إلى الجحيم.
الأمر لم يعد يحتمل فجنون الغلاء أذهب بعقول الكثيرين، وطوفان الطمع جعلهم يتنازلون عن مبادئهم وعن قيمهم حتى يصير المعروف شيئا من الخيال ومجرد كلمة في اللغة، ولهذا لا تعجب من اجتماعاتهم وما يدور فيها من أحاديث توجع القلب وتسم البدن كل هذا وكأنهم فقراء مع العلم بأن أموالهم طائلة وممتلكاتهم زائلة وأعمارهم فانية.
ما أحوج بعض التجار إلى الرجوع إلى سير النبلاء وقراءتها بدقة لعلهم ينظرون إلى إيثار الصحابة وحب بعضهم للبعض وكيف كان التاجر منهم يعامل الناس بأخلاق عالية وبضمير حي وكيف هم يعاملونا اليوم، حتما سيجدون الفرق واضحا مثل وضوح الشمس لذلك فليتقوا الله في أنفسهم.
أخيرا في كثير من الدول لا يتجرأ التاجر على زيادة فلس على قيمة أي منتج، لأن الرقابة موجودة والقوانين معروفة، لذا على وزارة التجارة وبقية الوزارات المعنية أن تتحرك وكذلك على الإخوة أعضاء مجلس الأمة أن يتحركوا بشكل أكبر وإلا فعلى جيوبنا السلام.