ناصر الخالدي
زوج ابنته بدرهمين أو ثلاثة بعد أن طلبها قبل ذلك ابن الخليفة في زمنه وكان على أتم الاستعداد ليعطيه ما يريد من مال وجاه ومنصب ولو أراد أكثر من ذلك، فرفض ليعرض حياته للخطر وزوج ابنته لطالب علم ماتت زوجته ورفض الناس تزويجه لفقره وقلة ماله.
أما البنت فيقول عنها زوجها «ثم دخلت بها فإذ بي أجدها من أجمل النساء وأحرصهن على حفظ كتاب الله تعالى وتعلم سنة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، وأعرفهن بحق الزوج لقد كانت المسألة المعضلة تعي الفقهاء فأسألها عنها فأجد عندها منها علما».
وعاش الزوجان حياة ملؤها الفرح والسعادة وذابا ببعضهما البعض وصارت حياتهما بيضاء لا مكان فيها للتخاصم أو الزعل ليتحول الكوخ الصغير للزوج إلى قصر كبير ويصير الفقر غنى ويتحول ذاك الظلام إلى نور ساطع أشرقت به حياة رجل فقير لا جاه له ولا أهل عنده، وحياة امرأة لم تعرف من الحياة إلا العبادة والزهد اجتمع الاثنان على كلمة واحدة فصارت الحياة على ما يرام.
سعيد بن المسيب صاحب العلم الغزير الرجل الذي صلى أربعين سنة فلم تفوته تكبيرة الإحرام، لم يكن أول من أسس نظرية المهر القليل سر الحياة الزوجية السعيدة، بل كان النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) قبله بكثير عندما قال «خير النساء أحسنهن وجوها وأرخصهنّ مهورا».
أما في زمننا هذا فتغير الحال وصار خير النساء من كان مهرها «يكسر الظهر ويهد الحيل» وأما الوجوه فلا تسأل عن حسنها واسأل عن أحدث أنواع المكياچ، حقيقة لا خيال غلاء المهور وارتفاع تكاليف الأعراس ومع هذا فحقيقة لا خيال ازدياد المشاكل الأسرية وارتفاع حالات الطلاق والسبب أن الحياة الزوجية عند البعض تجردت من كل المعاني لتقتصر على معنى واحد وهو الحياة المادية التي لا يوجد فيها لا إيثار ولا تضحية ولا حب ولا تفاهم وليس فيها إلا ما يجلب الهم والغم وتلك المحاكم لو نطقت لأخبرتك بغريب الأخبار وعجيبها على الإطلاق وتلك حياة خاوية تفتقر إلى السعادة.
بالأمس القريب اتصلت بي امرأة وطلبت مني أن اسمع قصتها فسمعتها وأنا لا أريد سماعها فليس عندي لها حل، المهم قالت المرأة إنها تزوجت ولم يكن المهر بالهين بل كان مالا وفيرا وانتقلت من قصر إلى قصر ومن حياة في رخاء وترف إلى حياة فيها أكثر من ذلك بكثير إلا أنها تزوجت من رجل ليس له دين، حيث قالت كان زوجي إذا جاء رمضان وقرأت القرآن استهزأ بي ولم يسمعني منذ تزوجته إلى هذه اللحظة أي كلمة جميلة وهو في سفر لا ينتهي وهذه حالته مذ عرفته، لي منه أبناء ولا يدري عن أحوالهم شيئا، وأما الضرب فكلماته الجارحة كسوط، سئمت من وجودي معه وصرت أحسب الخلاص منه جنة.
هذه ضحية مثل غيرها تزوجت فكان أهم شرط في الزوج أن يكون ثريا ثم ما الذي كان؟ ولا أظن الثراء وحده يكفي بل إن الدين وحسن الخلق أمران لابدّ من وجودهما في الزوج وإلا فوالله بقاء المرأة بلا زوج خير وأفضل وإلا فالقصص كثيرة ولا وقت لسردها.
ختاما وحتى تعم السعادة في حياة الجميع فعلينا أن نحسن الاختيار ونفكر بالدين والأخلاق قبل كل شيء.