ناصر الخالدي
ملايين من الدنانير ستصرف في هذه الأيام من أجل دعم الحملات الانتخابية وستشهد محلات الطباعة والدعاية والإعلان ضغطا رهيبا وستزدحم المطاعم بطلبات الناخبين، وطلباتهم بلا أدنى شك أوامر وستفتح المقرات الانتخابية أبوابها لتستقبل الزائرين كل يوم وتقدم لهم كل أنواع الضيافة لتصير هذه المقرات فرصة للترفيه عن النفس.
وستشهد الأيام القليلة ارتفاعا واضحا في عدد الندوات والمحاضرات الجماهيرية التي ستقام ضمن البرامج الانتخابية وستتم مناقشة كل القضايا وسيقوم كل مرشح بوضع الخطط والحلول ليرتفع مؤشر المثاليات وسينخدع البعض منا بما سيسمعه ويقرر أن يصوت لعيون وفلان، وعيون فلان مشغولة بمطالعة الكرسي.
عشرات المعاملات سيتم توقيعها لتخليص معاملات الناخبين ومئات الملفات والأوراق ستتم دراستها وسيفتح كل مرشح قلبه لكل ناخب من الناخبين المسجلين في منطقته وكل طلباته أوامر، مع أن البعض من هؤلاء المرشحين كان قبل هذه الفترة مشغولا عن الناس لا يرد على هاتفه ولا يتواجد في ديوانه ولا يقيم ندوة ولا يذبح حتى دجاجة ولكنها الانتخابات وهيبة الكرسي.
وإذا كــــانت هذه البدايات فأتــــمنى أن أتفاءل ولكن وللأسف الشديد لا أستـــطيع فكأني أرى الأزمة تولد من جديد في ظل هذا الانحدار الثقافي الحاد المتمثل بهذه الصراعات القبـــــلية الطائفية المجردة من العقل والمنـــــطق والحيادية وبالتالي فمن الطبيعي أن تجد في المستقبل أزمات واختناقات فكرية ونـــــقاطا لا يمكن تجاوزها لضعف ثقافة بعض المرشحين وهذه هي إفرازات القبلية والطائفية وأعتقد أنه مازالت الفرصة قائمة لرسم مستقبل جـميل.
وعليه فليعلم كل مرشح من المرشحين أنه محاسب أمام الله عز وجل على ما يقول ويفعل وأنه مؤتمن فإن أدى الأمانة فاز ونجح وإن فرط فيها فقد خاب وخسر، ونصيحتي لإخواني الأعضاء ألا تغريهم الحياة الدنيا فإنها فانية وما عند الله خير للأبرار وأن الحياة السياسية فيها فتن ومحن، (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) فمن كان يجد بنفسه القدرة على التغيير دون أن يتأثر أو يفتتن، فأسأل الله أن يوفقه لما يحب ويرضى وأما من لا يجد في نفسه شيئا من ذلك فليعتزل، فإن المناصب غيرت رجالا لم نكن نتوقع منهم التغير وجعلت منهم أشخاصا غير الذين كنا نعرفهم من قبل، فيا أيها المرشح إن كنت مصرا على خوض الانتخابات فاعلم أنها مسؤولية كبيرة فآمال الأمة تنعقد عليك واستشعر محاسبة الله لك في يوم طويل يوم لا ينفع مال ولا بنون، واستشعر الثقة الغالية التي سيمنحك إياها رجل مفعم بالحيوية عنده عقل وإرادة وشيخ كهل جرب الحياة من كل حدب وصوب وناحية، وامرأة تريد من يطالب بحقوقها وحقوق أبنائها، وعجوز لا تعرف إلا ما سمعته عنك، وكلهم يستحقون منك النصح والإرشاد والعمل بكل إخلاص من أجل توفير الحياة الكريمة لهم فإذا وصلت فلا تجعل بينك وبينهم حجابا واعلم أيها المرشح أني لك ناصح ومحب، والله من وراء القصد.