ناصر الخالدي
خلاف بسيط تحول إلى سب وشتم وقذف وانتهى بالضرب، الخلافات كثيرة فلا عجب ولا استغراب، ولكن العجب كل العجب أن يكون الخلاف بين امرأة كبيرة في السن وبين شاب في مقتبل العمر، والغرابة في أن يتجرأ الشاب على ضرب هذه المرأة، وأين؟ في بيت الله الحرام، وأمام أعين الناس، والسبب أن هذه العجوز استأجرت الشاب ليقوم بدفعها على الكرسي ولما رأت منه الطيش والتهور والسرعة والجنون قالت له مكانك لا أريدك وهذا ما جعله يصرخ بوجهها ويسبها بأقذر العبارات ثم يصفعها على وجهها.
هذه هي عروبة اليوم! يتجرأ الرجل منا على المرأة ولا يقدر إلا عليها، يضربها ويظلمها ويسلبها حقوقها أمام أعداء الإسلام فلا نقدر عليهم يفعلون ما يريدون ويقولون ما يرغبون في قوله وما علينا إلا السمع والطاعة ولعل هذا الخضوع ورّث داخل البعض شعورا بالنقص لا سبيل لتعويضه إلا بالممارسات الخاطئة التي من جملتها ضرب النساء بغير وجه حق.
الخلاف وقع أمام عيني فكنت شاهدا على ما قال وما فعل، وجاء معي رجل يشهد نفس الشهادة، ومع هذا فالشاب أنكر وأخذ يقسم بالله «ما فعلت وما ضربت وما تكلمت وهي التي قالت وفعلت» ولكن المرأة كانت أكبر منه سنا وعقلا وفهما فنظرت في وجهه ثم قالت حسبي الله ونعم الوكيل والله ما أريد منه شيئا وقد عفوت عنه لوجه الله تعالى وعدت وفي نفسي «وامعتصماه».
حقيقة، هذا المشهد صورة تعكس انحدار وانحطاط بعض المغفلين الذين لا يعرفون قيمة المرأة ويعتبرونها جارية مسلوبة الحقوق مقيدة الإرادة وهذا باطل لا محالة ومردود لا جدال في ذلك، فالمرأة نصف المجتمع ومن غيرها لا طعم للحياة، ولكنها ضعيفة تحتاج إلى الرجل ولذلك اهتم الإسلام بها لحمايتها وليس لتقييدها، فالمرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم والمرأة لا تتزوج إلا بموافقة ولي أمرها وغير ذلك من الأمور الشرعية التي تدل على أهمية المرأة في المجتمع.
والناس في ذلك بين الإفراط والتفريط منهم من أرخى الستار حتى ينكشف المستور ومنهم من أغلقه حتى صارت العتمة والظلام فذاك الذي أرخى الستار تجده يطالب بالاختلاط ويدعو إلى التبرج والسفور ولا يبالي بالآثام والشرور، وأما الآخر فأهان المرأة ومنعها من التعبير عن رأيها واعتبرها عارا وعيبا فأعادنا إلى الجاهلية والأفضل من ذلك إكرام المرأة مع المحافظة عليها والرجوع إلى الكتاب والسنة حتى يصبح الأمر واضحا.