ناصر الخالدي
أعتقد أن الإعاقات بنوعيها الحركية والذهنية لا تعتبر معوقا أمام الإنسان للاحتكاك بالمجتمع والوصول إلى النجاح، ومن كان له رأي غير ذلك فإنني أحيله للاطلاع على إنجازات الفرق التطوعية الخاصة والتي بدأت تنتشر بشكل لافت للانتباه مما يدل على أمرين الأول ازدياد أعداد المعاقين والأمر الثاني وعي المجتمع واهتمامه بقضايا المعاقين، إلا أن هذا الوعي يظـــــل قاصــــرا ما لم يترجم بقوانين وتسهيلات تمنح للمعاق، فإقـــــامة الحفلات والمهرجانات لا تــــتطلب جهدا كبيرا وزيارات المعاقين والتلاعب بمــــشاعرهم، ولا تتطلب المستحيل، فهم أغنى ما يكون عن هذا كله فالحفلات والمهرجانات لا تلبث أن تنتهي ولا يستفيد منها المعاق بشيء، بل إنها أشبه ما تكون بالإبر المخدرة ثم يعود الألم إلى أرض الواقع وهكذا الحال مع الخطابات الرنانة والتصاريح النارية، أما الواقع فــــيبدو مــــختلفا تماما فــلا يوجد للمعاقين إلا ناد واحد وبحسب ما أعرف فإن النادي فقط للإعاقات الحركية، وكثر الله خير المشرفين على النادي لأنهم حتى هذه اللحظة صابرون ومتحملون، ولو كان الأمر يتعلق بالنادي لهانت المشكلة ولكن ما يبعث على الأسى ما يعانيه المعاقون أثناء مراجعتهم للمجلس لشؤون المعاقين فهم يعانون من عدم توافر أماكن لوقوف السيارات، بالإضافة إلى عدم وجود مصاعد كهربائية بشكل كاف، ناهيك عن ضيق المبنى ومكانه الذي يحتاج إلى «خرائط ماجلان» وكل هذا وتجدنا نصرخ في الحفلات والمناسبات ونصرح بأن هذه الفئة عزيزة علينا، والله يستر لو لم تكن عزيزة.
إن ازدياد أعداد المعاقين يتطلب من الدولة أن تبذل مزيدا من الاهتمام لتوفير الحياة الكريمة لهم وإعطائهم الفرصة الكافية ليثبتوا للعالم أنهم أبطال يستطيعون تحقيق الإنجازات ولا يحول بينهم وبين ذلك إلا توفير الاحتياجات والمتطلبات اللازمة ولذلك أتمنى أن ينتقل موقع المجلس الأعلى للمعاقين إلى منطقة مناسبة ويصمم بشكل ما يتلاءم مع طبيعة المراجعين وأن تكون للمعاق أولويات، بناء على القانون لا على الواسطة والمحسوبية، وهذا ليس تجنيا أو افتراء لكنها الحقيقة وإلا فلماذا يقوم المجلس برعاية بعض الطلبة المعاقين والسماح لهم بالدراسة في مدارس خاصة فيما لا يسمح للبعض الآخر إلا بالدراسة في مدارس التربية الخاصة وليس فقط مبنى المجلس الأعلى الذي يحتاج إلى نسف، فقد كتبت مرارا وتكرارا في الصحافة والإذاعة والتلفزيون وصرحت بذلك لأحد الوزراء السابقين في وزارة الشؤون بأن مجمع دور الرعاية إهانة للحياة الإنسانية وصورة تعكس مدى البؤس والشقاء الذي تعيشه الفئات الخاصة و«المعاقون» من بين هذه الفئات، ويضاف إلى ذلك الكثير من الأمور التي تغيب عني وعن غيري ولا تغيب عن فرد من أفراد المعاقين.
أتمنى من جميع الجهات المختصة أن تستوعب حقيقة العمل مع الفئات الخاصة لأنني بالأمس القريب كنت مع ذوي الاحتياجات الخاصة رأيت البعض منهم متألقا كالنجم في السماء والبعض الآخر متقوقعا كالطائر الجميل في القفص الحديدي تمنعه القيود من الطيران والتحليق في أعالي السماء لأن كثيرا من الأسر تخجل من القول إن فلانا المعاق ولدنا، ولعل ذلك قمة الوحشية وآخر درجات التخلف، وقد شاء الله تعالى أن أطلع على نماذج وصور من حياة المعاقين الذين يعيشون في معزل فقط لأن أسرهم ترفض اصطحابهم وتعتبر ذلك قمة الإحراج وقد نسوا أن العديد من المبدعين الذين عبروا التاريخ كانوا معاقين لكنهم غيروا مجرى التاريخ.