ناصر الخالدي
تطورت بشكل سريع، نمت من خلاله نموا لا يمكن أن يمر الإنسان عليه مرور الكرام، فكل شيء فيها تغير حتى لم تعد كما كانت عليه منذ سنوات قليلة، والذي يزورها اليوم يجد نفسه في غاية الدهشة والاستغراب أمام المباني الشامخة والمشاريع القائمة والصناعات المتطورة والروتين السهل إضافة إلى القرارات المشجعة، كل هذا يجعلك تتساءل: هل هذه هي الدولة التي زرتها قبل سنوات؟ كيف تطورت؟ وإلى أين ستصل؟
اعجابي بقطر يزداد يومـا بعد يوم، فسياسة التنمية التي تتبعها قطر لا تقتصر على التنمية الاقتصادية وثروة المال، وإنما تعتمد أيضـا على تنمية فكرية واستغلال المورد البشري، فأما على صعيد التنمية الاقتصادية فقد اتخذتها الشركات العملاقة مكانـا لإقامة المشاريع حتى ان كثيرا من تجار الكويت بدأوا يستثمرون في قطر ويقومون بتأسيس الشركات طبعـا لوجود أمرين الثقة والسهولة في التعامل من خلال القرارات السريعة، حتى ان أحد التجار الذين قاموا مؤخرا بتأسيس شركة في قطر يقول: ليس أسهل من أن تقوم بتأسيس شركة في قطر شريطة أن يكون لديك رأس المال، وأما على صعيد التنمية الفكرية فنظرة واحدة الى برامج تلفزيون قطر والتطور الهائل الذي يعيشه هذا التلفزيون كفيلة بأن تبين لنا حجم الدعمين المادي والمعنوي اللذين يصرفان على التنمية الفكرية، ناهيك عن هيئة الثقافة وأنشطتها المستمرة القائمة على مدار العام، وهذا كله إنما يدل على أن هناك إيمانا صادقا من قبل المسؤولين بالاهتمام بالموارد البشرية وتنمية العقول، ولعل الحديث يدفعنا نحو مستوى التعليم الذي نسمع عنه في قطر حتى إنني أشعر بالشوق العارم للقيام بزيارة للمدارس القطرية والتعرف على المخرجات التربوية، وكل هذه الأمور لم تحصل فجأة ولم تأت مصادفة، بل كانت نتيجة تخطيط جاد وعمل مستمر للارتقاء للأفضل ولعل إعجابي يزيد أكثر مما هو عليه ويحقق أعلى مستوياته وأنا أتابع تقارير الصناعة القطرية المدهشة بكل ما تحمل الكلمة من معنى مع المرور على شركات الغاز الطبيعي والصناعات البتروكيماوية، ثم يزداد إعجابي وانا أرى مكانة الفرد في قطر تقاس بما يحسن وما يجيد، والفرصة للأفضل والميادين مفتوح للجميع.
هذا ما جعل قطر محط الأنظار لتكون الدوحة أمنية المغتربين وحلم المستثمرين، كورنيشها ذهب وشواطئها راحة، أسواقها منافسة، وزائرها في سياحة، فلا أملك إلا أن أقول: اللهم زدها جمالا على ما بها من جمال واحفظها وشعبها من كل مكروه.
يبقى السؤال:
لم لا تتطور دول العالم الثالث التي تملك المقومات؟ رحل عنها تجارها وأصبحوا يستثمرون في الخارج وهي تراهم ينزحون عنها تحاول أن تغريهم بالبقاء، تعشمهم بالمستقبل، تعطيهم الوعود، لكنهم لا يستطيعون مقاومة العروض الخارجية التي تعتبر فرصة لتحقيق أعلى المكاسب المادية في أقل الفترات الزمنية مع وجود الضمانات المالية والتسهيلات التجارية وهذه مطالب التجار، ونحن ان أردنا النهوض لابدّ أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون فقد مللنا من التصاريح وشبعنا من الوعود.