الفقر دائما هو السبب الرئيسي في النزول إلى الساحات وهو الدافع لفكرة «ارحل» أو لمشروع تغيير النظام وهكذا في كل الدول التي عصف بها ما يسمى بالربيع العربي تجد أن هناك بطالة دفعت الشباب إلى تلك الساحات وجعلتهم أكثر نشاطا لرفع الرايات والشعارات ولو كان هؤلاء الشباب يملكون منازل فارهة ووظائف محترمة وسيارات فاخرة لما فكروا مجرد التفكير في النزول لتلك الساحات ما دامت كرامتهم محفوظة وأعراضهم مصونة، مع هذا كله فإن الدول التي تتغير أنظمتها بالقوة قد لا تعود أحسن مما كانت عليه بل حتى فترة ما بعد التغيير تكون أصعب بكثير مما يتوقع أي متفائل عاش يؤمن بأن الثورة هي السبيل الأمثل لنيل الحرية والكرامة ولكم في التاريخ عبرة.
نحن لا نشكك في ولاء من يشارك في المظاهرات ولا نقول إن الأمور على ما يرام وإننا نعيش في دولة مثالية خالية من الأخطاء والعيوب ولكننا نقول إن الفساد الموجود لا يمكننا دفعه بمجرد النزول إلى ساحة الإرادة وحشد الشباب في مهرجانات خطابية يستفيد منها البعض بينما الخاسر الأكبر هو الشباب الطموح الذي عانى خلال الفترة الماضية من حيث يعلم أو لا يعلم بأنه مجرد جسر للعبور، حتى ان بعض النواب لا يفكر في النزول إلى الشارع إلا إذا كان ذلك في مصلحته، وإلا فأين النواب عن قضايا الشباب وهمومهم عندما كانوا أعضاء في مجلس الأمة؟! كل هذا الأشياء تدل دلالة واضحة على ان النزول للشارع لن يأتي الا بمزيد من الفوضى وانعدام الثقة ورفع السقف الذي كلما ارتفع كلما وجدنا أنفسنا أمام لحظات حرجة وليس هناك نعمة مثل الأمن والأمان.
من يعتقد أن النزول الى ساحة الإرادة هو السبيل الأمثل لجلب الحرية والكرامة إما أن يكون جاهلا أو أنه يريد الفوضى وزوال النعم، فما هي مظاهر العبودية التي نعيشها؟ نحن نتكلم كما نريد وننقد وفي أحيان كثيرة ننقد بالاسم ونقول رأينا في أداء الوزير الفلاني والوزير الفلاني ونرفع السقف ثم نذهب الي بيوتنا دون أن يعترضنا أحد فأين العبودية؟ وما الحرية التي تريدونها لنا؟
على اي حال شكرا لكم، لا نريد حريتكم المزعومة، كل ما نريده أن نفكر جميعا في احتواء الأزمة وهناك وسائل كثيرة لا أعتقد أن أفضلها النزول إلى ساحة الإرادة، فوالله إن زوال النعم لا يكون الا بكفرها وعدم الاحساس بها ولا يمنع ان تبذل الأسباب في محاربة الفساد مثل الدعاء والنصح بالسر وتذكر ان هناك مراحل من عمر الدولة من الحكمة أن يلتزم المرء فيها الصمت حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
نصيحة إلى حركة «نهج»: الشباب الكويتي أذكى بكثير من أي حملات إعلامية لتحقيق مصالح شخصية وهناك تذمر من كثير من الشباب لاحتكاركم الخطاب الإعلامي في ساحة الإرادة، فما الذي يميزكم عن باقي الشباب؟
[email protected]