قبل 4 سنوات كنت في منزل د.رشيد الحمد سفير الكويت لدى مصر، وأذكر أني حينها سألته: لماذا تحب مصر؟ فكانت الإجابة «لأن الشعب المصري طيب ومسالم ولأنني أشعر بالأمن والأمان فيها إضافة إلى التاريخ العريق لمصر» ومنذ تلك اللحظة وأنا أتذكر هذه الكلمات في كل زيارة لمصر.
في الوقت الذي نزل فيه الكثير من أهل مصر للميادين مطالبين الرئيس السابق محمد حسني مبارك بالتنحي كنت أتفق مع الذين يقولون «لا تجوز المظاهرات»، ليس حبا في الرئيس مبارك ولا في نظامه ولكن خوفا على مصر من شر المظاهرات ولأنه قد يحدث بعد الثورات أسوأ مما كان يحدث قبلها وطبعا أصحاب هذا الرأي دائما توجه لهم التهم ولعل أبرز هذه التهم أنهم عبيد عند الحكومات.
المهم أن 25 يناير كان نقطة تحول جديدة في تاريخ الشعب المصري، عندها فرح البعض وحزن البعض الآخر وهذه مشكلة الشعب المصري أنه عاطفي بامتياز ولذلك سرعان ما تمتلئ الميادين وتتبدل الأدوار، المعارض يصبح مؤيدا والعكس في القضية ذاتها.
انتقل الرئيس حسني مبارك للسجن وتسلم السلطة الرئيس المنتخب (المعزول) محمد مرسي وعندها فرح أهل مصر فرحة عظيمة لكن هذه الفرحة لم تستمر طويلا إذ لم يتفق الشعب على هذا الرئيس وخرج البعض مطالبا بعزله على الرغم من أنه رئيس منتخب وهذه هي الفوضى التي من أجلها كان كبار أهل العلم يحرمون المظاهرات لكن الجماهير عندما تنزل الميادين لا تعرف إلا لغة واحدة وهي لغة الاندفاع والتهور.
شخصيا، أعتقد أن الاخوان لم ينجحوا في إدارة شؤون البلاد لأسباب كثيرة لعل من أبرزها عدم وضوح الرؤية وكذلك عدم وجود اتفاق مع حكومات دول الخليج وغير ذلك من الأسباب إلا أنني في ذات الوقت أعتقد أن من حق الرئيس محمد مرسي إكمال مدته في الحكم حتى لا تدخل مصر في صراع الخاسر فيه شعب يطمح للعيش بعيدا عن العنف والدموية.
مع كل أسف مصر الجميلة في خطر ولا حل إلا بمصالحة وطنية وتنازلات من كل الأطراف، وإلا فالقتل والدماء والفوضى والرعب، كل هذه المفردات المخيفة ستحل بدلا من المفردات التي عرفت بها مصر.
أخطر ما في الأمر أن تجد هذا الانقسام بين أهل مصر أنفسهم مع دخول الجيش المصري طرفا في الموضوع وهو الأمر الذي يسعد أعداء مصر بشكل لا يتخيله أحد فاللهم احفظ مصر وأهلها من كل شر.
* عبرة: أعتقد أن سجان طره لديه القدرة على تأليف كتاب يتضمن مشاهدته التي لو كتبها لأدهش الناس فمن القصر إلى السجن ومن السجن إلى القصر بكل تأكيد عواقب السياسة وخيمة.
[email protected]