ناصر الخالدي
في اليابان توجد باصات خاصة للطلاب، هذه الباصات مزودة بأجهزة اللابتوب ومصممة بطريقة المكاتب طبعا كل هذا «مو علشان التشيحط»، بل لأنهم تعودوا أصلا على العمل المتواصل والجد الدؤوب والراحة عندهم هي التقليل من العمل وليس ترك العمل وعندنا توجد باصات مدرسية مكتوبة عليها من كل صوب ذكريات «الربع» و«سوالف عيال الفريج» تتسلمها المدرسة ثم بعد أقل من شهر تجدها بقايا باصات من كثرة التخريب والتدمير ماذا لو أصدرت وزيرة التربية قرارا بتزويد الباصات المدرسية بأجهزة لابتوب مزودة بالإنترنت؟ حتما ستكون أفضل وزيرة تمر على الطلاب وسيقوم الطلاب من الفجر ينتظرون قدوم الباص بفارغ الصبر وسيرفض الطلاب الذهاب إلى المدرسة بغير الباصات المدرسية حتى لو طلبت وزارة التربية رسوم اشتراك على كل طالب أما الطالب الياباني فهو يستخدم اللابتوب والانترنت من أجل تحقيق إنجاز أو إنهاء مهمة أو حل واجب مدرسي وهي الثقافة التي عاش عليها وأصبح يمارسها أما عندنا فألف محاولة لاختراق موقع إباحي أو فتح الماسنجر والتحدث مع الحسناوات وما أكثرهن لأن الطالب عندنا يفتقر إلى التأهيل الكافي فنحن أكثر ما نحتاج اليه اليوم هو الاهتمام بالطلاب منذ نعومة أظفارهم.
اليابان خرجت من الحرب العالمية مثقلة بأعباء الحرب وهل في الحرب إلا التدمير والتحطيم والخسارة المادية والبشرية؟ فعلى ساحتها ألقيت مئات القنابل المدمرة ويكفي قنبلة هيروشيما التي فعلت الأفاعيل ولا مجال لأن أحكي قصة الحرب العالمية وما خلفت ولكني أذكر ما ينبغي ذكره وهو السرعة الفائقة التي نهضت بها اليابان من بعد الحرب العالمية فمنذ الأسبوع الأول من انتهاء الحرب عاد أهل اليابان الى العمل من جديد وكأنهم لم يكونوا بالأمس ينامون على أصوات القنابل والتفجير انتهت الحرب فعادوا إلى البناء والتعمير حتى ان طائرة أميركية عادت بعد انتهاء الحرب لتنظر حجم التدمير الذي حدث وكان اليابانيون وقتها مستمرين في العمل فقط يرفع الواحد منهم رأسه ليرى الطائرة الأميركية وهي تحلق في الجو ثم يعود إلى العمل وكأنه لم يرها وهكذا حتى أصبحت اليابان من الدول المتطورة والمتقدمة في جميع المجالات إننا نحتاج إلى مثل هذه الروح لنعمل بها على تحقيق كل الأحلام التي نتطلع اليها ولكن هذه الروح لا تباع ولا تشترى إنها توجد حيث وجدت المسؤولية. في اليابان لا يوجد حسد ولا تباغض، لأن الكل مشغول بالعمل وحريص على أن يحقق أعلى ما يستطيع من إنتاجية لأنه يعرف أن ذلك يعني قيمته في الحياة وبالتالي هو يحرص على أن تكون قيمته عالية وفي اليابان أيضا لا يوجد موظف يطلب من زميله أن يوقّع بدلا منه في كشف الحضور والانصراف ولا يوجد مسؤول يتصل على مسؤول آخر من أجل أن يتوسط لمعاملة تخالف القانون وعندهم أيضا لا يوجد مدرس يغيب عن حصته الدرسية ويهمل في أداء مهمته وعندهم أيضا لا يوجد من يتجاوز الاشارة الحمراء لأنهم انتهوا منذ سنوات من أزمة الإشارات وعندهم لا يوجد من يقود السيارة بجنون وتهور دون أن يجد من يحاسبه كما ينبغي وعندهم لا يوجد من يطلق النار بشكل عشوائي ليعبر عن فرحته بعرس أخيه أو صديقه إنها مظاهر لا تجدها إلا عندنا ومادام أنها موجودة فلا أمل في التقدم وهذه الحقيقة التي يجب أن نغيرها لتكون الرؤية تنمية وازدهارا في كل المجالات وليكون البلد في مصاف الدول المتقدمة فالإمكانيات متاحة.
فعلا متى نصير مثل اليابان؟