ناصر الخالدي
من واقع الحياة اليومية والمواقف التي أشاهدها والقصص التي أسمعها أعتقد أننا نعيش زمن اختلاط المفاهيم وتبادل الأدوار، فالذي معه الحق يبدو وكأنه أكبر مجرم في التاريخ يتهم بالتخلف والرجعية وأحيانا يوصف بأنه معقّد وفاهم الدنيا غلط ولا يجد في الدنيا مكانا يريحه وكأنه غريب ليس صاحب حق ولا هم يحزنون، أما المتلبس بالباطل فله الأماكن كلها وله التعايش مع الكثير من المجتمعات دون الإحساس بالغربة ودون أن تمتد إليه أصابع الاتهام، فعلا لقد أضحى أصحاب الحق غرباء في هذا الزمن العجيب.
أن تعتقد مجرد اعتقاد بأن على المرأة الالتزام بالحجاب الشرعي والتستر وعدم التعري والبعد عن مزاحمة الرجال ومناطحتهم في كل شيء تعتبر متشددا متنطعا لا تعرف مقاصد الشريعة وتتهم بأنك متخلف ورجعي من الطراز الأول، ولو أنك أكملتها واعتقدت بأنه من الضروري حث الناس على الالتزام بالصلاة المكتوبة والمطالبة بإغلاق المحلات وقت الصلاة ستكون أكبر مجرم عرفه التاريخ، وأما إذا قلت إن المواقع الإباحية يجب أن تغلق بأسرع وقت حتى لا نخسر شبابا بأعمار الزهور يتساقطون في وحل المواقع الإباحية يوما بعد يوم ولا يجدون من ينتشلهم من هذا الوحل إنك لو طالبت بذلك ستكون مؤسسا للديكتاتورية الحديثة، ولو تطالب الفنادق في الدول العربية بأن توفر للنزلاء فيها دورات مياه وفق ما يتناسب مع الشريعة الاسلامية ستجد من يصرخ بوجهك حتى في دورات المياه تريدون التحكم، وفي كثير من الأمور التي نعتقدها ليس من باب الهوى والتعصب إنما هي القواعد الإسلامية التي حثت عليها الشريعة الإسلامية وأقرتها الفطرة البشرية.
فالمرأة التي تتعطر وتتزين وتخرج إلى الشارع وكأنها نسيت أن تلبس، ستجد سيلا من الكلمات الطائشة ومن العبارات غير اللائقة وستتذمر وتمشي وتتأفف مع أنها فرحانة آخر فرحة ومبسوطة على الآخر ولكنها تتصنع بما لا تستطيع الإيمان به ثم يتمادى الشباب وينسى كل أولويات الحياة ويتفرغ لجسد تلك الطائشة في حياة لا تعرف إلا الضياع، فهل هذا هو الحق؟
هل الحق أن يمارس الإنسان حريته المطلقة فيترك الصلاة بالمرة وينشر الفساد والإغواء في المجتمع دون أن يجد من يحاسبه؟ هل الحق أن نوافق على أن نسير خلف الغرب ونقلدهم بكل ما يفعلون لدرجة أننا أصبحنا نقبل أن نكون مثلهم حتى في النظافة والتحرز من الأذى؟ حقيقة لا أجد مفرا من البكاء على واقعنا الأليم فقد وصلنا آخر درجات الضعف فأين ذاك التاريخ الحافل بالإنجازات والفتوحات العامرة والتي مازال التاريخ يذكرها بكل هيبة واحترام؟
ومع هذا أقول إلى أصحاب الحق جميعا دون استثناء إن الباطل لا يدفع بترك الحق وإنما بالمضي فيه فإن تعالت أصوات الباطل فصوت الحق أعلى ومن يؤمن بشيء فعليه أن يناضل من أجله، فكيف إذا كنا نناضل من أجل عقيدة أنزلها الله في كتابه العزيز وأقرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سيرته العطرة.
الله يستــــر مــــن الهــــجوم العنيف الذي تشنه انفلونزا الخـــنازير على هذا العالم الصغير فالإصــــابات مستمرة ولسنا نـــــدري هــــل هي كارثة بهذا الحــــجم الـــذي تتحدث عنه وسائل الإعلام أم انها مجرد جرعة إعلامية زائدة علــــى أيــــة حـــــال شكرا لوزارة الصحة حرصها وتفاعلها ونأمل منهم تقــــدير جهود الأطباء والممرضين العــــاملين علــــى مواجهة هذه الكارثة الصحية كمــــا نأمل منهم أن يقوموا بحملة توعية لاننا مازلنا نجهل الكثير ومنا إلى وزير الصحة الدكتور هلال الساير مع التحية والشكر.
يبلغ من العمر خمسين وربما أكثر تمشي بطنه أمامه وتتصاعد خيوط الدخان فوقه جلس أمامي في أحد محلات الإنترنت جلست أكتب مقالي هذا وجلس بو الشباب ساعة كاملة على موقع إباحي ثم بعد ذلك دفع الحساب وخرج إلى الشارع يمشي، كنا نطالب بإغلاق المواقع الإباحية خوفا على الشباب أما اليوم فعلى الشيبان أيضا.