ناصر حمد الخالدي
بالأمس اتصل بي أحد الاخوة ليحدثني عن معاناة يعيشها كل يوم بسبب التدهور الصحي لحالة والده المقعد الذي بلغ من العمر عتيا، وقد طاف الابن بوالده على كل المستشفيات الخاصة والحكومية ولم يجد التشخيص المقنع أو الرعاية الصحية المطمئنة فعاد خالي الوفاض لأننا في دولة لا توجد بها مستشفيات خاصة بكبار السن ولا توجد فيها مصحات أو منتجعات خاصة بكبار السن، وأغلب المستشفيات تعتذر عن استقبالهم والسبب بكل بساطة الخوف من موت المسن في المستشفى مما قد يضر بسمعتها وهذه فقط صورة من العذاب الذي يعيشه كثير من المسنين، ومثل هذه الصور كثيرة والمآسي عديدة.
وبالأمس تخرج آلاف الطلاب والطالبات من الثانوية العامة بنتائج مشرفة ولكن الصدمة الموجعة أن الجامعات لا تكفيهم ومستقبلهم يدعو للقلق، حيث إن الدراسة في الخارج أصبحت، وكما يعلم الجميع، كابوسا لأنك لا تدري في أي لحظة تقرر وزارة التربية إلغاء الاعتراف وتصير الشهادات مجرد حبر على ورق، ويذهب تعب السنوات ويتشرد الطلاب بين الكليات والجامعات والجلوس في البيت في فراغ قاتل ومميت وهذه صورة تعكس واقع الطالب الكويتي الذي يقرأ ويسمع عن أهمية العلم والتعلم ولكنه لا يجد على أرض الواقع من يشجعه على ذلك فالتخصصات نادرة والجامعات معدودة والقرارات أشكال وألوان.
كل هذا لأن بعض الاخوة أعضاء مجلس الأمة مشغولون بإعداد الاستجوابات والتربص بالوزراء والتركيز فقط على أخذ الثأر والانتقام من هذا وذاك حتى أصبح النجاح هو إسقاط الوزير الفلاني أو إحراج النائب الفلاني ولا يهم تأخرت الدولة أم تقدمت، لا يهم إذا نجحت المشاريع التنموية أم لم تنجح ولهذا فنحن نعيش فيما نحن عليه والأيام تتكرر دون أي إضافة.
لا يوجد سبب لتأخر الكثير من المشاريع التي من شأنها الارتقاء بالمجتمع والمحافظة عليه اللهم إلا انشغال بعض الاخوة أعضاء مجلس الأمة بالاستجوابات التي تكلف الدولة والمواطنين الكثير من إضاعة فرص ثمينة للإصلاح والتنمية، ونحن اليوم نعيش أزمة جديدة من خلال عودة الحديث عن استجواب وزير الداخلية جابر الخالد فهل انتهت كل مشاكلنا ولم يبق إلا الخالد هل انتهت أزمة الصحة والتربية والكهرباء والماء والمخاطر الإقليمية وتكالب الأمم على هذا الوطن الصغير ولم يبق إلا وزير الداخلية؟!
الطابور الذي تشهده المستشفيات، والموظفون الذين استغنت عنهم الشركات الخاصة والأزمة التي نعيشها كل صيف بسبب احتمال انقطاع الكهرباء والماء، وتدهور الرياضة في كل الكويت وانهيار البورصة، كل هذه الأزمات لن تنتهي باستجواب الخالد لذا فيا أعضاء مجلس الأمة الشعب المواطن لا يريد استجواب وزير ولا إحراج نائب ولا صراخا واتهاما، إنما يريد إنجازا، يريد قولا وأفعالا، فالقاصي والداني يعلم حجم ما وصلنا إليه من تأخر في كل المجالات فلا تكونوا سببا في تأخرنا أكثر مما نحن عليه وكونوا عونا لنا وللوطن وارحمونا من الصراخ ارحمونا وارحموا أنفسكم.
وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد نجح في المرحلة الماضية في كثير من القضايا العالقة ووعد بعمل المزيد نأمل من معالي الوزير النظر بأوضاع العاملين بالوزارة من (البدون) لأنهم أوفياء يستحقون التكريم وأوضاعهم تحتاج إلى إعادة نظر.