ناصر حمد الخالدي
فرق كبير بين من يدافع عن أرض وعقيدة ويناضل من أجل حرية واعتقاد، ومن يدافع عن أغصان زيتون ويناضل من أجل حصادها، أعتقد أن بينهما فرقا كبيرا، ولهذا أحببنا الشهيد أحمد ياسين الذي دافع عن فلسطين بعفوية مطلقة دون أن يتصنع أو يرتدي ثوبا ليس بثوبه ودون أن يتأثر بالمغريات، فعاش ومات حرا واستحق أن يحظى باحترام الجميع لأنه لم ينافق ولم يخادع ولم ينظر إلى قضية فلسطين على أنها شيك مفتوح أو طاولة عليها كل ما لذ وطاب.
تذكرت الشهيد أحمد ياسين، رحمه الله، وأنا أشاهد لقاء تلفزيونيا كان ضيفه أحد المسؤولين الفلسطينيين والذي تكلم بحرقة عن أغصان زيتون ماتت من الحصار مطالبا بإنقاذها حتى لا يضيع موسم الحصاد، فهل نسي الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين، الذين بلغ بهم النصب أكثر مما بلغ بأغصان الزيتون التي قد تجد من يرويها، بينما الشعب الفلسطيني النازح خلف البعد لا يجد شيئا من ذلك فقط وعود وأمنيات وتشرد لا يطاق ولا أدري أين تذهب التبرعات التي يقدمها الاخوة العرب إلى إخوانهم في فلسطين؟
قضية رجل الاقتصاد حازم البريكان تناولتها بعض وسائل الإعلام بأسلوب بعيد كل البعد عن أخلاقيات العمل الصحافي، فكانت مجرد محاولة لاستعراض عضلات بعض المحررين الذين أقصى طموحاتهم إثارة البلبلة ولو كان على حساب أمن واستقرار المجتمع، للأسف وصلنا إلى هذه الدرجة فبعض وسائل الإعلام لا تركز إلا على البقع السوداء تبحث عن كل مصيبة وكل أزمة وكل كارثة والنتيجة مجتمع تعيس تعم فيه الكآبة وضيقة الخلق وتنتشر بين أوساطه الضيقة والإحساس بالهم والغم وتشهد فيه العيادات النفسية ازدحاما شديدا، هذا ما وصلنا إليه والسبب أننا لا نقرأ في الصفحة الأخيرة إلا الجريمة ولا نسمع في الإذاعة إلا الوفيات وانهيار البورصات ولا نشاهد في التلفزيون إلا تقارير عن إنفلونزا الخنازير وتهديد الجماعات الإرهابية وفي المجالس فضائح فلان وعلان كل هذا و«ما تبون» اكتئاب.
نحن في عام 2009م بعض الدول وصلت إلى قمة الإبداع والابتكار، أما نحن فمازلنا نصرح بأن التقنيات الحديثة لن تتوافر العام القادم في «التربية» .. لا نريد التركيز فقط على التقنيات الحديثة بل نريد جيلا ينهل من العلم والتربية ويخرج من المدرسة بفائدة تذكر، فالمخرجات التربوية لا تبشر بخير وعلى وزارة التربية والتعليم أن تعيد حساباتها.