يومان أمضيتهما في الرياض، هذه المدينة التي يعلم الله محبتي لأهلها الكرام، خلال اليومين تشرفت بزيارة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الوالد عبدالعزيز آل الشيخ، وكذلك عضو هيئة كبار العلماء الوالد عبدالله بن غديان، وقد كانت لكلماتهما وتوجيهاتهما عظيم الأثر في نفسي فالتواضع الجم والخلق الكريم وهكذا هم علماؤنا أما زيارة الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ فقد كانت مميزة جدا أعجبني اهتمامه بأحوال المسلمين وتعليم الناس الخير والحرص على تسخير الإعلام وسيلة للبناء ونشر الخير بين الناس وأما زيارة الشيخ د.عصام العويد فكانت جلسة علمية رأيت خلالها سعة صدره وإصغائه الجيد لكل من يسأله وهذا خلق الداعية الناجح وفي اليومين زرت د.ناصر بن عقيل الطيار الذي كان نعم الرجل، حيث جميل الحفاوة ولطيف المعاملة وما أجمل رجل الأعمال عندما يحمل حسا إنسانيا راقيا يساهم خلاله بدعم وتشجيع المشاريع الدينية والاجتماعية الناجحة والتي من شأنها الارتقاء بالمجتمع وأفراده فنشكر د.ناصر بن عقيل الطيار على مبادراته الكريمة واهتمامه بدعم الكثير من المشاريع الاجتماعية والدينية والثقافية هذه المبادرات تجسد مفهوم الشراكة الاجتماعية.
في مكتبة العبيكان تجولت لمدة ساعة أو ساعتين كنت أقرأ في الأدب تارة وأخرى في علم النفس، جولة في أمهات الكتب أنستني هموم الحياة وجعلتني أطلق سراح عقلي بعد حصار دام طويلا وخلال جولتي القصيرة وأنا أشاهد زوايا المكتبة وهي تزدحم بالقراء عرفت حب المجتمع السعودي للقراءة واحترامهم للكتاب فذلك يساعد على إيجاد نخبة من المثقفين والمفكرين والأدباء وغيرهم من المبدعين في شتى المجالات وهكذا أغلقت الكتاب بعد أن جاء الأخ والصديق محمد بن راشد القحطاني الذي كان نعم الأخ ونعم الرفيق خلال زيارتي الرياض.
بعد اليومين اللذين قضيتهما في الرياض سافرت لأجد نفسي في مكة المكرمة خير البلدان على مر العصور والأزمان وفي آخر ساعات الليل البهيم دخلت بيت الله الحرام، فالله ما أجمل الدخول وما أحلى المقام في بيت الرحمن لقد شاهدت قوافل الحجيج المتأخرة وهي تستعد للرحيل، لقد شاهدت العيون وهي تفيض دمعا وحزنا من ألم الفراق فقد حان وقت الرحيل وهم يعلمون أنها فرصة لن تتكرر لقد شاهدت العديد من المشاهدات الجميلة فليتنا نحن المسلمين نجتمع على كلمة سواء لنطوي صفحات الضعف والانهزام، في هذه الأثناء حان وقت العودة إلى الكويت لتنتهي تلك اللحظات الجميلة بعد أن توقفت قليلا عن الكتابة وحزمت أمتعتي وألقيت نظرة أخيرة من خلال نافذتي المطلة على الحرم ولسان حالي يقول «اللهم لا تجعل هذا آخر عهدي بالبيت العتيق»، ونزلت لأجد السائق الإندونيسي إمام ينتظرني وهكذا خرجت من فندق الصفوة محملا بالعديد من الذكريات والمواقف الجميلة التي أتمنى أن أضمها لاخوتها في كتاب إذا كان في العمر متسع وبقية.
من يذهب إلى مكة المكرمة يشاهد العمل المتواصل من أجل إنجاز مشروع جبل العمر والذي اقترب من الوصول إلى محطته الأخيرة وأعتقد أن هذا المشروع يؤكد على أن الإنجاز يحتاج إلى قرار يطبق فمن يصدق أن تلك الجبال وتلك المساكن العشوائية أصبحت مشروعا يعد من أكبر المشاريع في منطقة مكة المكرمة نحن نحتاج لمثل هذه المشاريع لمواكبة التطور الذي يشهد العالم وشخصيا وإن كنت ضد التطاول في البنيان حول الحرم إلا أنني أرى أنه لابد من توفير مساكن بالحجم الكافي بحيث تتسع للحجاج والمعتمرين.
خلال رحلتي الى الرياض كان من المفترض أن ألتقي رجل الأعمال المثقف الشريف عبدالوهاب السيد إلا أن الوقت لم يسعفني للقيام بهذه الزيارة على أن تكون في الأسابيع المقبلة لتكون جولة في حياة رجل مبدع استطاع أن يحقق العديد من الإنجازات في حياته العلمية.
الشريف عبدالله الحسيني رئيس مبرة السادة الأشراف صاحب جهود مباركة في خدمة النسب الهاشمي وهو رجل متميز في التراجم والمشجرات نبارك هذه الجهود ونترقب الإصدار القادم «رجال من بني هاشم» الذي يسلط الضوء من خلاله على سير رجال من بني هاشم.
أخيرا نهنئ الشعب السعودي حكومة وقيادة بعودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وأدام الله الأفراح في ديار المملكة.
[email protected]